أساس بناء الإنسان هو التربية التي تهدي القلوب وتبصر العيون إلى الطريق المستقيم والرؤية الواضحة لكافة الأمور من حوله فهي تجعل الإنسان حريصا على إحساس الآخرين وتزرع في وجدانه الإحساس المرهف والدقة في فهم الأشياء وتأتي التربية في بناء الإنسان القويم في البداية ثم يأتي التعليم ثم طابور طويل من النواحي منها الثقافية والتدريب والتأهيل في جميع المهن التي يتقلدها طوال حياته, والتربية الإسلامية تجعل لدى الإنسان عزة بالنفس وكرامة يجدها بين الناس ولكن وسط زحام الحياة تاهت التربية وتوارت خلف الماديات وأصبح الإنسان لا قيمة له أمام الصراع الرهيب وغير الشريف من أجل دنيا زائلة.
وإنني أرى أن قيمة الإنسان ليست فيما يملك من ماديات ولكن فيما يتسلح به من تربية فاضلة وحسن خلق وطاعة لأبويه واحترام وإجلال لمعلمه في المدرسة والجامعة والكتاب وإخلاص في أداء واجبه وعمله نحو مجتمعه وثبت بالتجربة أن المدرسة لا يمكن أن تقوم بدور المربي وحدها خاصة في ظل الكثافة بالفصول فالتربية مهمة البيت أولا والإنسان الذي لم يحصل على قسط وافر منها فالبيت فهيهات هيهات أن يحصل عليها خارجه.
تخيل أنك قاض تحكم بني الناس وجاء اثنان كي تحكم بينهما بالعدل أحدهما عدوك ولكنه صاحب الحق والآخر صديقك أو قريبك ولكنه هو الجائر المعتدي فمن الذي تحكم له وتنصفه؟
إن الله سبحانه وتعالى يأمرك بأن تحكم بالعدل وتعطي كل ذي حق حقه فلا تدفعك كراهيتك لعدوك لان تظلمه وتبخسه حقه رغم أنه صاحب حق ولا يدفعك حبك لصديقك أو قريبك إلى أن تنصره رغم اعتدائه بل يجب أن يتجرد الإنسان ويخشى الله تعالى.
فعلى كل إنسان يحكم بين الناس أن يحرص على العدل في كل إنسان سواء كان صديقا أو عدوا لأن العدل أقرب للتقوى وإنها قمة الارتقاء ولكن النفس البشرية لا ترتقي إلى هذه القمة السامية إلا حينما تتجرد لله تعالى وتشعر أن الله تعالى مطلع على يما في الصدور لا تخفي عليه خافية وأنه سيجزى كل إنسان بما صدر منه وهذا يحتاج إلى تربية النفس وتدريبها على الخير والارتقاء بها إلى قمة عالية وكما يعلم الجميع أن الله عز وجل وعد الذين أمنوا وعملوا الصالحات مغفرة لذنوبهم ولهم أجر عظيم وهو الجنة.. أما الذين كفروا فهم أصحاب الجحيم وهذا عدل من الله سبحانه وتعالى وعلى الإنسان العاقل أن يختار الطريق السليم الذي يؤدي إلى الجنة.