الرأى للشعب
ممدوح عيد
المنافقون (2 )

كتبت منذ ما يقرب علي اربع سنوات مقال بعنوان " المنافقون " مفاده ان صديقي السياسي هاتفني وصدره مليء بالضيق الشديد فسألته لماذا كل هذا الضيق بالرغم من اسمك يملأ الفضائيات و المواقع الاخبارية و الجميع يؤكد انك مرشح لمنصب كبير.. فرد علي صديقي بان هذا هو ما يسبب له هذا الضيق.. لأنه منذ ان اعلن انه مرشح لمنصب كبير و هاتفه لا يتوقف ..بالرغم من انه كان قد وصل الي حالة من النسيان عند كثير من الناس إلا انه بمجرد ان توقع البعض تعينه في منصب كبير .. الجميع اصبحوا اصدقائه الجميع يتحدث معه بكل حب .. هذا يطمئن علي صحته و الثاني يطمئن علي صحة الوالد و الثالث يطمئن علي الاولاد و ماذا فعلوا في الجامعات .. و اختصر صديقي الحالة التي يعيش فيها بقوله انني اعيش حالة من النفاق الكبري جميع من حوالي ينافقوني بشده و اشدهم نفاق هم من كانوا يكرهونني.

حاولت ان اخفف مما يعانيه صديقي فقلت له ربما ما يفعله البعض فعلا حب و البعض نفاق .. فقال لي هل تعلم ان هناك احد زملائي كان يرفض العمل تحت رئاستي و انا المسئول رقم 2 او رقم 3 في مكان عملي و قال هذا صراحة لقائد العمل و لم يخفيه .. هذا الزميل هو من كان يتصل بي اكثر من عشرة مرات يوميا ليطمئن علي صحتي و اولادي و كل احوالي و لكن بدأ اتصالاته بعدما اشيع بأنني مرشح لأصبح قائد العمل هذا غير كلام الاطراء عن كفأتي المهنية و كيفية اداراتي للعمل و انني الشخص المناسب في المكان المناسب و الكثير من حلو الكلام ..!

قال لي صديقي لذلك انا اعتذرت عن المنصب و لك ان تتخيل انني عندما اعلنت عن اعتذاري عن المنصب توقف رنين التليفون تماما بعدما كان لا يهدأ علي الاطلاق .. بل ان احد المنافقين كان خبر اعتذاري عن المنصب لم يصله بعد فأبلغته بنفسي فقام بإنهاء المكالمة بشكل مبالغ فيه.

شكرت صديقي الذي اعتذر عن المنصب قبل ان تغرس نفسه بين رحى المنافقين بل انه بعد ذلك ربما يصدق ما يقال له من اطراء بأنه اعظم انسان في الكون.. في الآخر تكون الصدمة الكبري.

الجديد في الامر ان صديقي الذي كره النفاق و تنازل عن المنصب الذي كان مرشح له قال لي انه عاش اسعد ايام حياته و بحرية كاملة بعيدا عن النفاق و "رنات " المنافقين التي انقطعت عنه تماما طوال هذه المدة و لا حتي بحكم " الزمالة ؛ و العشرة ؛ و العيش و الملح " و كل مصطلحات تطيب الخواطر فقام باجراء تجربة جديدة بان قام بزيارة احد اصدقائه القدامي من صانعي القرار و خرج من مكتبه و قد علت علي و جهه ابتسامة كبيرة فدخل في بورصة المراهنات مرة اخري بان ايامه قادمة و ان ما حدث هو استدعاء من صانع القرار له اذا سوف يتولي المنصب لا محالة . . يعبر صديقي ان في هذه اللحظة بدأ رنين الهاتف لا يتوقف و يعبر صديقي انه في هذه اللحظة كان في منتهي السعادة لانه لا يعر اي اهتمام لاتصالات المنافقين و لم يرد عليهم مما يزيدهم اصرارا علي الاتصال و هو يشغل اصوات الكترونية ترد علي الهاتف بان المتصل غير مرغوب فيه.

البعض يحاول ان يبرر لنفسه نفاقه لرؤسائه فاخذوا يستبدلوا كلمة نفاق بكلمات اخري جذابة مثل المجاملة و الدبلوماسية في التعامل و كلمات اخري كثيرة و هي في الحقيقة ليست سوي اغلفة براقة للنفاق الذي تغلغل داخل مجتمعنا فتري الناس يقابل بعضهم البعض بالفرح و الابتسام ، حتي إذا اعطي كل واحد ظهره للآخر كال له من الشتائم و السباب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف