الرأى للشعب
علاء لطفى
ضـجيج بلا طحـن

تمر العلاقات المصرية الألمانية في الآونة الأخيرة بتقارب حذر يأبى أن يرتقي الى علاقات شراكة كاملة كما كان الأمر عليه في عقود سابقة.

فمن لم يعايش لحظات الشراكة في الربع قرن الماضي لا يمكنه الحكم بدقة على مشهد التردد غير المسبوق في القرار السياسي الألماني بشأن مصر ، بفعل موجات "الإرباك" العربي للمشهد السياسي بالمنطقة .. تجمد الصديق الألماني عند اللحظة الثورية رافضاً الادراك بأن الدولة المصرية تجاوزتها بمراحل كبيرة ، وأن مصر لم تعد كسابق عهدها تصغي الى نصائح فتحت أبواب الفوضى على مصراعيها في البلاد وفي المنطقة بوجه عام ، يحفظ في تصوري للعلاقات الاقتصادية تراجعها دون بارقة أمل .. نعم قد تكون برلين قد بادرت بتكثيف الزيارات والوفود الرسمية ذات الطابع الاقتصادي ظاهرياً ، لكنها حاصرت نفسها في ملفات سياسية ترى من وجهة نظرها أنها توفر شروط اطارية للاستثمارات حسب تفسيرات السفير الألماني يوليوس جيورج لوي..

وسؤالى له كان حول مردود الزيارات المتوالية المكثفة والتى بدأت بزيارة وزير الداخلية ثم وزير الاقتصاد ونائب المستشارة الألمانية ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم (الاتحاد الديمقراطى المسيحى ) وزيارة نائبة رئيس البرلمان الألمانى ، وهل يمكن الحديث حول رقم استثماري تحقق من كل تلك الزيارات .. وجاءت اجابته لى محيرة لأن الأمر لم يخرج عن اعلان نوايا للاستثمار وتوقيع خمسة مذكرات للتفاهم خلال زيارة نائب المستشارة الألمانية زيجمار جابريل ، بما يعكس الرغبة فى التعاون بين البلدين .. وأن ألمانيا اقتصادها حر وليس اقتصاد موجه ، يرتبط بالشروط الإطارية للتعاون الاقتصادي التى يحددها رجال الأعمال ، مبدياً تفاؤله بأن الفترة المقبلة سوف تشهد حجم استثمار ألمانى كبير وإقامة مشروعات ، وخلق فرص عمل، ما يؤدى إلى الاستقرار لصالح مصر.. والأهم أنه يرى في تلك الزيارات تأكيد على أهمية دور مصر فى المنطقة.

لكن الشروط الاطارية كما تبين لاحقاً من اجابته لأسئلة الحضور ليست اقتصادية محضة بالدرجة الأولى فالمجتمع المدنى من وجهة نظره يلعب دورًا حيويًا ونشطاً ويعد جزءًا لا يتجزأ من الديمقراطية ، والمبادرات الأهلية والمنظمات الأهلية تلعب دورًا هاما فى التطور الديمقراطي وتساعد صناع القرار السياسى بتقديم المعلومات وردود الفعل لهم ، وهذا يعد مهما لاستقرار الحكومات بصفة عامة مضيفا أن الوفود الألمانية تبحث هذه القضايا فى جميع زياراتها للخارج سواء آسيا أو أفريقيا وغيرها وتجرى لقاءات مع ممثلى المجتمع المدنى بجانب الساسة ، وهذا ليس مقصورًا على مصر.

وفي تصورى أن الخلط بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي لازال ماثلاً في الوجدان الألماني يمنعه من حسم أمره في وقت تذهب فيه فرص الاستثمار الى شرق آسيا ودول أوروبية أخرى ، تأخذ الأمر بجدية ولا تترك فرصة لصعود الهلاوس السياسية لتكدير آفاق التعاون الاقتصادي.

نعم كان من الايجابي ومن الحكمة أن يمتنع السفير الألماني عن الانزلاق الى أزمة الصحافة الدائرة في سؤال استدراجي حاول من طرحه أن يلقى بكرة اللهب المشتعلة في عبد الخالق ثروت الى فناء السفارة ، ورفض السفير تقييم المشهد لعدم توافر معلومات عن الجوانب القانونية للأزمة الدائرة ، لكن أيضا من الضروري والحيوي أن تمارس الخارجية المصرية دورها بشكل عاجل لتوضيح مجريات الأمور للبعثات الدبلوماسية ، خاصة وأن المستشارة الألمانية تلقت دعوة رسمية لزيارة مصر ، وأجواء الفراغ المعلوماتى لن تساعد كثيراً لإنجاح الزيارة .. فربما لا يدرك البعض أن خطاب التحريض الدائر حول الحريات والصحافة والإعلام وحقوق الانسان هو ملف يجرى إخراجه بشكل متسارع لحصار الصادرات المصرية وتطفيش الاستثمارات من مصر وتشويه ما تحقق من نجاحات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف