الرأى للشعب
حسين مرسى
الضابط والبلطجي..


ولأننا في مصر .. وفي مصر فقط تجد البلطجي هو من يعتدي على رجل الأمن ليصبح بعدها بطلا شعبيا ورمزا من رموز المواجهة والكفاح ضد بلطجة الشرطة !!

هذا هو الحال في مصر الآن للأسف الشديد .. كلنا نطالب رجال الشرطة بالعمل وبذل المزيد من الجهد لمواجهة البلطجة التي أصبحت سمة الشارع المصري الآن .. وأيضا نراهم كل ساعة وهم يقدمون أرواحهم دون مقابل فيسقط منهم الشهداء والمصابون في مواجهات دموية مع الإرهاب وعصابات الإجرام والبلطجة في كل مكان في بر مصر .. ورغم كل هذا نجد الهجوم الشديد من البعض على رجال الشرطة .. وكما يهتفون بشعار " يسقط حكم العسكر " ليسقطوا الجيش فهم يهتفون أيضا بشعار " الداخلية بلطجية " ليسقطوا الشرطة أيضا وتتحول مصر إلى الفوضى والخراب الذي يسعون له بكل احترافية ولا يهتمون لما يمكن أن يحدث في مصر لو تحولت إلى الفوضى !!

للأسف أصبح الحديث عن الثوابت الآن ضرب من العبث والجنون .. الثوابت تقول وتؤ كد أن البلطجة لابد من مواجهتها بكل قوة وبكل عنف .. فليس هناك معنى للحديث عن حقوق الإنسان مع بلطجي لم يحترم هو حقوق الإنسان ولم يحترم الإنسان نفسه .. ولكننا في مصر نرى العكس ونفعل العكس .. ثم نطالب بالأمن والأمان !!

منذ فترة وقع ضابط شرطة يدعى أسامة رجب ضحية لمجموعة من البلطجية " بودي جارد" حطموا البوابة الألكترونية في حفل مطرب يعملون لحسابه وعندما حاول الضابط أن يتحدث معهم أوسعوه ضربا حتى فقد وعيه وأصيب بإصابات بالغة في وجهه وجسده وتم نقله للمستشفى للعلاج في حين تم القبض على البلطجية..

وفي الوقت الذي يرقد فيه الضابط بلا حراك في المستشفى تم الإفراج عن البلطجية بشكل مفاجئ أيضا لنجد الضابط المجني عليه في المستشفى والجناة أحرار طلقاء لم يمسهم أحد بسوء .. منتهى التناقض !!!

وقبل الإفراج عن البلطجية بساعات تم حبس النقيب أحمد سمير وهو مصاب بإصابات خطيرة بسبب تعدي بلطجية الميكروباص عليه .. مفارقة غريبة وعجيبة في مصر بلد العجائب .. الضابط المصاب في المستشفى والبلطجية أحرار .. والضابط "المضروب " يتم حبسه في الوقت الذي يتمتع فيه بلطجية الميكروباص بحريتهم وزادوا في البلطجة أكثر لأنهم أدركوا أن ضباط الشرطة لن يمسوهم ولن يقتربوا منهم أبدا !!

الغريب في الأمر أن السيد وزير الداخلية فور وقوع حادثة الاعتداء على النقيب أحمد سمير من البلطجية قام بإصدار قرار فوري وعاجل بإيقاف الضابط المصاب تمهيدا لإحالته للاحتياط .. مع القبض عليه وإحالته للنيابة التي أمرت بحبسه !

حتى البيان الذي صدر عن إدارة الإعلام بوزارة الداخلية كان بيانا عجيبا يظهر فيه أن الوزارة ضد الضابط لمجرد أنه دافع عن نفسه ضد البلطجية .. فجاءت صيغة البيان بلهجة حادة .. وحتى لايتهمنى أحد بالمزايدة فهذا هو نص البيان كما صدر " قرر السيد وزير الداخلية إحالة النقيب / أحمد سمير نصار الضابط بالإدارة العامة للمعلومات والتوثق إلى النيابة العامة وإيقافة عن العمل تمهيداً لإحالة للإحتياط وذلك لقيامة بإصابة سائق سيارة أجرة " ميكروباص " بطلق نارى بالفخذ إثر حدوث مشادة كلامية بينهما تطورت إلى مشاجرة بسبب إعاقة السائق للطريق تدخل على إثرها مجموعة من السائقين لمناصرة زميلهم ، حيث قاموا بالتعدى على الضابط وإحداث إصابات به مما دعاه إلى إستخدام سلاحة وإطلاق العيار النارى".

والحق أن موقف الوزارة من الضباط المصاب هو موقف غريب حيث تم وقفه وبشكل عاجل وبدون تحقيق وبدون انتظار لنتائج التحقيق إرضاء لمجموعة من البلطجية الذين يعرف المصريون جميعا من هم .. ويعرف الجميع ماذا يفعل بلطجية الميكروباص في كل المصريين بلا استثناء .. فليس هناك مصري واحد لم يتعرض لموقف سئ معهم سواء كان راكبا للميكروباص أو راكبا لسيارته الخاصة أو حتى سائرا على قدميه في الشارع .. الكل يعاني من بلطجية الميكروباص ولكن في النهاية وجدناهم هم الضحية وضابط الشرطة الذي اضطرته ظروفه لركوب الميكروباص لأنه لايملك سيارة خاصة أصبح هو الجاني والمتهم المحبوس احتياطيا !!

وأتخيل مثلا لو أن هذه الواقعة وقبلها واقعة الاعتداء على ضابط المفرقعات قد وقعت مع ضابط جيش أو وكيل نيابة مثلا .. هل كانت الجهات التي يتبعونها ستتخلى عنهم بهذا الشكل أم أن الأحداث كانت ستختلف كثيرا وكانت التحقيقات ستتم أولا ولو ثبت إدانتهم كانوا سينالون جزاءهم طبقا للقانون ولكن دون علانية حفاظا على الكيان نفسه .. أما رد الفعل على الأرض فأعتقد أنه لن يكون على هوى البعض لأن التعامل مع البلطجية لابد أن يكون بنفس أسلوبهم .
إن الوضع في الشارع ملتهب وأن المواطن المصري في أمس الحاجة للأمن .. والشارع يؤيد الشرطة ويقف إلى جانبها في معاقبة المخطئين من أفراد وضباط الشرطة .. أما أن يكون الجميع ضحايا وفي سلة واحدة يدفعون ثمنا باهظا لمجرد إرضاء السادة النشطاء أو منتفعي حقوق الإنسان فهذا أمر لايجوز.

ونظرة واحدة على سيارات الميكروباص الآن تؤكد أن ما حدث ستكون نتائجه على الشارع سلبية للغاية .. وعلى ضباط الشرطة الموجودين بالشارع أيضا .. ومن ضابط المفرقعات ضحية البودي جارد إلى ضابط المعلومات والتوثيق ضحية بلطجية الميكروباص ستضيع هيبة الشرطة وهنيئا للبلطجية بحقوق الإنسان !

كلمة أخيرة لابد منها .. الضابطان ليسا من ضباط الأمن العام ولا المباحث ولا تعامل لهما مع الجمهور أبدا فالأول ضابط مفرقعات .. والثاني مهندس حاسبات وكمبيوتر .. انتهى !!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف