أحمد عمر
أصل الكلام- علي راسنا ريشة
ليست مجرد ريشة تلك المحسودين عليها فوق رءوسنا نحن الصحفيين بل سلطة شعبية نحمل رمزيها التاج والصولجان.. تاج الصحفي هو التفاف القراء حول كلماته.. وصولجانه القلم.. إذا فقد القلم المصداقية سقط الصولجان وضاع التاج وغابت السلطة.. كم من "ناعقين" في الساحة يملكون أقلاماً وميكروفونات لكنهم مجرد ظواهر صوتية بلا تأثير اللهم إلا إثارة التهكم والسخرية في أوساط جمهور المتلقين في الشارع.. المتغطي بهم ندمان.
فالسلطة الشعبية للصحافة كأي سلطة أخري في الدولة تنفيذية أو تشريعية أو قضائية ترتبط بالمصداقية وما تولده من ثقة ورضا يدعم الشرعية.. إذا غابت المصداقية غابت شرعية السلطة.. وسلطة الصحافة وريشتها وتاجها تستمده من ثقة الجمهور.. من نداء الاستدعاء التلقائي في الشارع كالهتاف المشهور "الصحافة فين .... أهوه".
خونة الصحفيين هم بعينهم خونة الرأي العام.. يبيعون الشرف لقاء المنافع كأقدم مهنة في التاريخ.. لحساب مصالح من يملكون المنح والمنع في السلطة أو الأحزاب أو البيزنس..هم أولئك الذين يدلسون علي الحقائق ويعزفون علي أوتار المشاعر ويغيبون العقول بالأكاذيب والقضايا الهامشية البراقة.. قليلون عدداً إنما يملكون للأسف أصواتاً عالية.
والصحافة بمعناها الواسع تحوي كل وسائل الإعلام الحديث المنظمة التي ابتدعتها الإنسانية لتشبع حاجة أساسية إلي المعرفة ومتابعة الشأن العام بعد معاناة من التعتيم وما يجره من فساد وشائعات سوداء.. واكتسبت الصحافة مهام جديدة كوسيلة للتواصل الاجتماعي.. وأداة للاتصال السياسي تعتمد كفاءتها علي سلاسة تدفق المعلومات في الاتجاهين بين الحاكمين والمحكومين.. بين النخبة والشعب.. يتناسب تأثيرها طردياً مع وعي المجتمع وتطور أدوات الحكم واحترام حقوق المواطنين وحرية تداول المعلومات.. وتختنق في مجتمعات تغازل الديكتاتورية.. تضيق بها فتدفع بمن يرجمها ويطالب بإلغاء الصحف وذبح الصحفيين.. ربنا يكفينا الشر وأهل الشر.. وأمثال الست قمر عضو البرلمان التي تطالب بذبحنا علي سنة تنظيم داعش والإمام أبوحمزة البغدادي..!!
الصعيدي بلدياتنا د. علي عبدالعال رئيس مجلس النواب أبدي وعياً يفتقده بعض رجال السلطة.. قال "الصحافة منضبطة تختلف عن الفيس بوك".. في السلطة رجال لا يعرفون الصحافة من الفيس بوك.. إنما الحقيقة أن الفارق الأهم بينهما هو انضباط القلم.. بمعني التزامه بالمهنية التي تتضمن منظومة من القيم والقواعد السلوكية لا يعرفها ولا يراعيها ناشطون علي مواقع التواصل الاجتماعي يتجاوز عدد متابعين بعضهم كتاباً محترمين وصحفيين محترفين.. ربما لأن ما يكتبونه يجذب لجاناً إلكترونية وكتلة من المتابعين تهوي الطرائف والغرائب والاستمتاع بوصلات الردح في حواري الفيس بوك.
البعض يسيئون للحرية لكن الذين يسيئون استعمال القوانين أكثر.. ومواجهة الانحطاط الإلكتروني لا يكون بالتشديد ولا بالإعدام الذي يقترحه البعض ليصنعوا فضيحة عالمية جديدة للدولة إنما بدعم الصحافة.. بتأمين الصحفيين وإطلاق حرية تداول المعلومات.