سألني صديق: ما الذي يريده من الدولة صحفيون تجاوزوا الثمانين وأصبحوا قاب قوسين أو أدني من "القرافة". فالدولة لن تنفعهم بشيء ولا تستطيع أن تضرهم بشيء فلماذا هذه الهيستيريا في دفاعهم المستميت عنها ضد أبنائهم وأحفادهم من الصحفيين الذين انتفضوا صوناً لكرامتهم وطلباً لحريتهم التي هي في الأساس حرية لأجل الوطن والمواطنين؟
قلت: بالتأكيد لن تنفعهم الدولة بشيء فهم تجاوزوا السن التي تسمح لهم بتولي مناصب أو أي شيء من هذا القبيل ثم إنهم يعيشون في رغد من العيش ولا يحتاجون إلي عطايا الدولة كما أنها لن تضرهم بشيء بحكم سنهم وهم إذا سكتوا خالص ونأوا بأنفسهم عن الدخول في هذه الأزمة فلا أظن أن أحداً كان سيلومهم سواء من الصحفيين أو من المسئولين في أجهزة الدولة.
هؤلاء ناس بركة ومن حقهم أن يعيشوا الأيام الباقية لهم علي "وش الدنيا" في هدوء وسلام يمارسون هواية صيد الأسماك مثلاً أو يشاهدون أفلام ومسلسلات الأبيض وأسود أو يستمعون إلي ألمظ وسي عبده الحامولي ويسترجعون ذكريات الأيام الخوالي إذا سمحت لهم ذاكرتهم.. بلاش يلعبوا الشطرنج لأنها لعبة تحتاج إلي الذكاء وليس إلي الخباثة!!
قال صديقي متعجباً: ولماذا انبروا في الدفاع عن الدولة والتنكيل بأبنائهم وأحفادهم من الصحفيين ألا تظن أن أجهزة الدولة أمرتهم بذلك؟
قلت: لا أظن ان أجهزة الدولة فعلتها. والمسألة ببساطة أنهم اندفعوا بشكل تلقائي تبرعوا يعني. راجع تاريخهم وأنت تعرف مدي تقديسهم للسلطة أية سلطة.. هؤلاء جبلوا علي تقديس الحاكم ومن يدورون في فلكه. والأرشيف الذي لا يفني يفضح انسحاقهم وانبطاحهم.. ولا تقل لي انهم شيوخ المهنة لأنني سأسألك "بأمارة إيه يا برنس"؟ فأغلبهم لا إنجاز له أصلاً. لم يكن كاتباً عبقرياً أو مختلفاً أو مهنياً باسم الله ما شاء الله وأغلبهم ليس له حتي مؤلف واحد مهم ولو كانوا مبدعين بحق لظلوا دائماً علي يسار النظام ليس عنداً في النظام أو عداء له. لكنها طبيعة أي مبدع هو بالسليقة علي يسار السلطة وهؤلاء لا مبدعين ولا حاجة. وخد بالك فإن معارضة الدولة لا تعني الخيانة ولا تعني حتي كراهية الدولة لكنها تعني الحرص علي سلامة الوطن ومصالح أبنائه ثم إنه بدون الرأي والرأي الآخر لا تستقيم الأمور ولا تبني الأوطان.. الأوطان تروح في سبعين داهية إذا سادها رأي واحد وصوت واحد وجوقة واحدة تردد آمين.. آمين.
سألني الصديق ألا يمكن إعادة تشكيل شخصية هذه الكائنات حتي يفهموا ان المعارضة ليست خيانة؟ قلت ممكن جداً. خاصة أن العلم يؤكد سهولة تشكيل شخصية الفرد قبل أن يتجاوز مرحلة المراهقة.. ابتسم أنت في القرافة..
والقرف!!!!!!