جربنا الرأسمالية حينا من الدهر ولم نفلح.. وجربنا الاشتراكية حينا من الدهر ولم نفلح.. ورفعنا راية الفكر التعاوني علي أنه المنقذ ولم نفلح.. ثم عدنا إلي الرأسمالية ومازلنا نتنكب الطريق.. تري هل العيب في هذه النظريات والمذاهب أم العيب فينا؟!
هناك دول طبقت الرأسمالية ومازالت تسير عليها وحققت تفوقا عظيما.. وهناك دول طبقت الاشتراكية وتقدمت ثم تحولت إلي الرأسمالية وتنتقل من نجاح إلي نجاح.. المشكلة إذن ليست النظريات.. المشكلة فيمن يطبق النظريات.. ونحن - والحمد الله - لم نحسن تطبيق أية نظرية.. كانت ومازالت الأزمات تحاصرنا ولم نخرج من عنق الزجاجة منذ أن عرف العالم صناعة الزجاجة.. هل تعرف لماذا؟!
نحن - للأسف - اساتذة في الشعارات والهتافات والأغاني.. ونظن اننا بذلك قد أنجزنا المزيد.. نحن اساتذة في القول ولدينا عيب في الفهم.. حيث نتصور أن القول يغني عن الفعل.. واننا بمجرد أن قلنا فقد فعلنا.. وسوف يستجيب القدر.. نحن نخلط بين الحلم والحقيقة.. وننسي المسافة الشاسعة التي تفصل بينهما.. وننسي اننا إذا كنا جادين فإن علينا أن نقطع هذه المسافة بالعمل والعرق والجهد الكبير.. وقديما قال شاعرنا ساخرا:
"ناموا ولا تستيقظوا.. ما فاز إلا النوم!!"
***
زمان.. وفي مثل هذا التوقيت من كل عام.. كانت الحرائق تكثر في المصانع والشركات قبل شهر الجرد.. شهر يونيه.. وبالذات في منطقة السبتية بالقاهرة التي تتوالي فيها الحرائق يوما بعد يوم.. وكنا نسخر من ذلك بالقول إن فأر السبتية ينقل الحرائق من مصنع لمصنع ومن شركة لشركة أسرع من عربات الاطفاء.
الآن.. انتقلت الحرائق إلي وسط البلد.. إلي منطقة الرويعي ثم منطقة الغورية.. وهما منطقتان مزدحمتان بالمحلات التجارية ذات الصبغة الخاصة.. وهما من أغلي مناطق القاهرة الفاطمية.. وتشير شهادات بعض الأهالي أن الحرائق متعمدة وبفعل فاعل.. وهناك من له مصلحة في ذلك.
وتتحدث الصحف عن موسم حرائق.. فخلال 48 ساعة شب 7 حرائق في القاهرة بالإضافة إلي 18 بلاغا بحريق في الجيزة.
الغريب انه حتي هذه الحرائق صارت مجالا لتبادل الاتهامات والتصعيد في ظل غياب المعلومات.. وتستخدم مثل جرائم الإرهاب في الصراع السياسي بين الموالين والمعارضين.. وقد وجدت فيها برامج التوك شو مادة خصبة للجدل.. بينما الحقيقة ضائعة كالعادة.
***
تستضيف العاصمة البريطانية لندن حاليا مؤتمر قمة عالمية لمكافحة الفساد بعد مرور شهر علي فضيحة وثائق بنما التي كشفت عن جرائم غسيل أموال وتهريب أموال وتهرب ضريبي منسوبة إلي العديد من قادة العالم.. وقد تم إذاعة تسريب صوتي لديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا وهو يقول لملكة بريطانيا وأسقف كانتربري متهكما علي القمة التي يرأسها.. "قمة مكافحة الفساد يحضرها أكثر البلاد فسادا".
ما أكثر التناقضات في هذا العالم!!
***
لو قال المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة في أمريكا دونالد ترامب عبارة واحدة من عباراته العنصرية ضد اليهود أو السيخ أو الهندوس ما تركوه.. لكنه تجاوز كل الحدود العنصرية في حملته المسعورة ضد المسلمين لأنه يعرف أنهم مشتتون وكلمتهم ليست واحدة.
تصوروا ماذا يمكن أن يحدث لو أعلنت العواصم الإسلامية أو معظمها أنها لن تستقبل ترامب إذا نجح وأصبح رئيسا.. وأنها ستقاضيه أمام المحاكم الأمريكية.. ساعتها سيهتز ترامب وحزبه وناخبوه.. وسيعرف العالم أن المسلمين ليسوا مجرد ظاهرة صوتية.