نشرت صحيفة الشرق الأوسط تقريرا مترجما نقلا عن نيويورك تايمز بعنوان «حلب.. دماء وشقاء وأمل»، يكفى لمن يقرأه أن يبكى دما من هول ما تضمنه من فظائع حيث نتخيل الدماء تسيل على الأرض، وقد علا التقرير صورة محزنة لأب مكلوم يحمل طفله من تحت ركام مبنى دمرته المقاتلات السورية ، ولم نكن نرى مثل هذه الصورسوى فى فلسطين، ولكن المجازر انتقلت الى كل منطقة الشام.
وتشير التقارير الموثقة الى أن ثلثى قتلى حلب المائتين خلال المعارك الأخيرة كانوا بالمناطق الشرقية الخاضعة لسيطرة المسلحين٬ والباقى بالجانب الغربى الخاضع لسيطرة النظام.فالاستخفاف بأرواح المدنيين عنصر مشترك بين جميع الأطراف المتحاربة. ويصور التقرير مشاهد الدمار فى الضواحى المنكوبة من حلب، ولكن الأكثر ألما مشاهد انتشال 55 جثة من تحت انقاض مستشفى القدس بينهم 29 من الأطفال والسيدات٬ بعضهن كن فى حالة ولادة. ولا يعلم أحد على وجه التحديد كم تبقى من المليونين الذين كانوا يسكنون حلب قبل اشتعال الحرب، فمعظمهم فر لأوروبا ولبنان وأجزاء أخرى من سوريا.
يعكس التقرير حقيقة المشاعر المتباينة بحلب ما بين السأم والإنهاك فى مواجهة موت قد يقع فى أى لحظة بأى مكان بالمدينة٬ تحمله صواريخ متساقطة من السماء. ناهيك عن خراب السوق الأثرية بالبلدة القديمة المنتمية لحقبة القرون الوسطي٬ والتى تعد من بين الأجمل على مستوى العالم العربي٬ ومصنفة كموقع تراث عالمى من قبل منظمة «اليونيسكو» والتى أصبحت خرابا حاليا.
ولكن ليس كل التقرير محزنا، حيث ينقل محرره عن بعض أبناء حلب عزمهم على المضى قدما فى الحياة٬ ففى غضون ساعات من استهداف مستشفى القدس عبر ضربة جوية، احتشد نحو مائة شاب فى أحد المطاعم لحفل زفاف وتناولوا أطباق الفاكهة ودخنوا «الشيشة» ورقصوا الدبكة الفلكلورية الشهيرة٬ وقد غطت أصوات الموسيقى المرتفعة على أصوات التفجيرات التى ترددت أصداؤها من حين لآخر بالخارج . وقال أحد المدعوين: «هناك حرب٬ ثم هناك حياة، لدينا قلبان داخل هذه البلاد٬ قلب للحزن وآخر للسعادة٬ ولكل حدث قصته المختلفة». إلا أنه فى غضون ساعة واحدة وبمجرد ظهور فرقة من رجال المخابرات العسكرية خارج المطعم ، تذكر الجميع مخاطر العيش تحت وطأة حكومة الأسد٬ حيث وبخوا صاحب المطعم اعتراضا على سماحه لعملائه بالرقص والغناء فى يوم شهد مثل هذا القدر الهائل من العنف والدماء.
نشير هنا الى إدانة مصر بكل هيئاتها ما حدث فى حلب ولكن بدون تحميل أى طرف سورى مسئولية ما يحدث.