لم تكد تمضي أيام معدودة علي حريق الرويعي الأول، حتي شبت النيران مرة أخري بالمكان نفسه صباح الاثنين الماضي، وعقب إخمادها بساعات، انتقلت النار إلي الغورية لتحول منطقة العتبة إلي «قطعة من جهنم»، كان حصادها من الخسائر الأولية ثلاثة قتلي و91 مصابا بالاختناق، فضلا عن تدمير «200 محل» ببضاعتها، و70 مخزنا و40 شقة سكنية، الأمر الذي سيؤدي إلي تشريد ألف أسرة علي الأقل كانت تعمل بتلك المحال.
وكالعادة.. انتقل المسئولون لموقع الحريق، ومن ورائهم النيابة لمعاينة آثار الحادث، مع مسكنات رسمية بتعويض المتضررين حال إثبات التهمة علي الماس الكهربائي، المتهم البريء دائما في مثل هذه النكبات، التي كان بالإمكان تلافيها قبل حدوثها!
نعم.. كان يمكن تلافيها، لو أخذنا بالدراسات الرسمية التي حذرت من تكدس الباعة الجائلين في هذا المكان، وفعّلنا تصريحات مسئولي الأحياء بالقضاء علي العشوائية داخل تلك المنطقة، وتطبيق إجراءات الحماية المدنية علي المحال الصغيرة والكبيرة، بالتأكد من سلامة وسائل إطفاء الحرائق عند اشتعالها!
وهكذا يهتم الإعلام بالحدث فور وقوعه، لبضع ساعات، ثم تطوي صفحته لننام ونصحو علي حريق جديد، ومعه يتكرر السيناريو المحفوظ نفسه من السادة المسئولين، وكان الله بالسر عليما.
لكننا في هذه المرة، ومن خلال النظرة المتأنية لما حدث، ووفقا لأقوال شهود العيان، وتسريبات المنكوبين هناك، الأمر يبدو مختلفا، فهناك همس يتردد ويحمل قدرا كبيرا من قابلية التصديق، وهو أن هذه الحرائق تمت بفعل فاعل، خاصة أن سعر المتر في هذه المنطقة بلغ 200 ألف جنيه، هناك رجال أعمال وأصحاب أحكام بتسلم أرض الأوقاف التي احتلها عدد كبير من تلك المحال، فلماذا لا تكون وراء الحريق دوافع شخصية؟
وحتي لا تتسع دائرة الشك، نتمني من المسئولين أن يصلوا إلي الجاني الحقيقي، ويتم كشفه، ويطلقوا سراح الماس الكهربائي هذه المرة.