المساء
محى السمرى
ناس وناس- المتشككون.. والصحافة والفضائيات
الناس دائما يختلفون.. ولا يتفقون.. وربما كان الاتفاق الوحيد هو ¢أنهم لا يتفقون¢.. سواء كان مصدر الاختلاف تافها أو غير ذلك.. وإذا حدثت مشكلة ما في أي تجمع.. انقسم الناس هناك بعضهم مؤيد والآخر معارض والثالث لا رأي له.
أقول هذا الكلام بمناسبة المشاكل التي حدثت في نقابة الصحفيين بدون مبرر وما صحب هذه المشاكل من كلام وانتقادات من بعض مقدمي البرامج في المحطات الفضائية الخاصة.. بل أن أحدهم ظل يتحدث بصوت عال وبتحد غريب عن المساعدات المالية التي تقدمها الدولة للمؤسسات الصحفية وللنقابة.. وبصراحة أقول انه لا جديد في كل ما قال.. لأن كل الجماعة الصحفية تعرف تماما ما تقدمه الدولة من مساعدات مالية.. ولو لم تفعل الدولة ذلك لكان هناك كلام آخر.
وعموما لقد نسي الزميل مقدم البرنامج أن يقول أن الدولة تحصل علي نسبة عالية من حصيلة الاعلانات كضرائب ورسوم.
وفي جميع الأحوال بأن مساعدة الدولة للصحفيين أفضل ألف مرة من تلقي مساعدات من جهات أخري.. واتذكر في هذا المجال ما قاله لي شيخ الصحفيين النقيب حافظ محمود حيث روي قصة من الأزمنة الغابرة حيث ذهب واحد من الحالمين بالعمل في الصحافة إلي فارس باشا النمر وكان يمتلك صحيفة خاصة.. وطلب العمل لديه.. وتمت الموافقة علي أن يتقاضي مرتبا قدره ثلاثون جنيها.. وفي أول الشهر ذهب إلي الخزينة ليتقاضي المرتب وفوجئ بأن المبلغ المنصرف له هو فقط ثلاثة جنيهات.. وعبثا حاول افهام أمين الخزينة أن مرتبه ثلاثون جنيها.. وعندما فشل في اقناعه ذهب إلي فارس باشا ليستفسر منه عن هذا اللغز.. وضحك قائلا: بأن المبلغ صحيح.. ثم اعطاه بطاقة وطلب منه الذهاب إلي مدير مكتب أحد الوزراء وعندما يعطيه البطاقة سيحصل علي عشرة جنيهات واعطاه بطاقة آخري ليذهب بها إلي مدير مكتب رئيس الوزراء وليحصل علي عشرة جنيهات أخري أما السبعة جنيهات الباقية فهي قيمة أبونيهات للمواصلات وكرنيهات لدخول المسارح ودور السينما وغيرها مجانا. وهذه هي تفاصيل الثلاثون جنيها.
والواضح أن المرحوم حافظ محمود كان يشير بهذه القصة إلي المعاناة التي يعانيها الصحفيون زمان.. وبصراحة أقول أين كرامة الصحفي زمان منها الآن؟ وبالتالي فإن الشكر كل الشكر للدولة التي عرفت وتعرف كيف تساعد العاملين في هذه المهنة.. ولكن الزميل أراد أن يجامل الدولة بأسلوب كله تهكم وتندر علي المؤسسات الصحفية والعاملين فيها.
وفي جميع الأحوال فإن حركة التاريخ تثبت أن الصحف القومية ظهرت مع ثورة 23 يوليو 52 وقبلها في عهد الملكية كانت غالبية الصحف أو كلها هي ملكية خاصة يمتلكها أفراد وشركات ولم تكن الحكومة تمتلك أي صحيفة.. ولكنها كان يمكنها نشر ما تريد نشره بحكم اتصال مندوبي الصحف بالوزارات المختلفة.. ويبدو أن المصروفات السرية كانت تلعب دورا كبيرا في تدعيم الصحف حتي انه بعد ثورة 23 يوليو 1952 تم نشر اسماء من كانوا يحصلون عليها والمبالغ التي كانت تصرف لهم.
وعند تأميم هذه الصحف في بداية الستينيات تحولت من ملكية خاصة لاشخاص إلي ملكية الدولة ممثلة في الاتحاد القومي أو الاتحاد الاشتراكي.
وكما هو معروف لم تكن الصحف تعرف الانفرادات أو الخبطات الصحفية السياسية والاقتصادية إلا صحيفة واحدة كانت مقربة جدا من رئيس الجمهورية من خلال رئيس تحريرها.
وفي السبعينيات من القرن الماضي أراد الرئيس الراحل أنور السادات ان ينتقد الصحفيين وأعلن أن مرتب أقل صحفي هو 400 جنيه شهريا وخبط الصحفيون كفا علي كف حيث كانت المرتبات متدنية للغاية لدرجة أن بعض الصحفيين اضطر للعمل في مجال الاعلانات حتي يتحسن الدخل.
وهكذا مضت أحوال الصحافة والصحفيين حتي كان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.. حيث ظهرت سطوة مراكز القوة من الأثرياء ورجال الأعمال وعمد بعضهم إلي الاستعانة ببعض الصحفيين لكي يتولوا أعمال الدعاية لهم ولأعمالهم.. ثم تطور الأمر كما هو معروف عندما لجأ عشرات من كبار وصغار الصحفيين للعمل في المحطات الفضائية التي يمتلكها رجال الأعمال وأصبحوا أبواق دعاية لأصحابها.. ويتشككون في أمور كثيرة بدون مبرر إلا الإثارة.
أردت أن اكتب هذا السرد التاريخي مع اختصاره بشدة.. وأشهد أن هناك تغيرات جوهرية طرأت علي دنيا الصحافة.. فلم يعد هناك سبق خبري فالمحطات الفضائية وأجهزة المحمول والإنترنت أصبحت تنقل الأحداث فور حدوثها.. تضاف إلي ذلك أن معظم الصحف أصبح لها مواقع وأصبحت القراءة من علي ¢النت¢ أفضل.
وعموما.. أشهد أن عصر الرئيس عبد الفتاح السيسي من أفضل العهود التي شهدتها مصر.. فالرئيس يبذل قصاري جهده ليحقق الوعود التي قطعها علي نفسه وذلك باقامة مشروعات عملاقة وضخمة والدعوة إلي استقطاب مستثمرين من مختلف أنحاء العالم والرئيس بالفعل حقق الكثير خلال 23 شهرا الماضية ولكن الشيء الغائب هو أن الدعاية والاعلام اللازم لالقاء الأضواء علي هذه المشروعات وكيفية الاستفادة منها وحتي يشعر بها المواطن.. مازالت نائمة وفي ثبات عميق.. الناس تريد أن تعرف ومن حق الرئيس أن يعرف الناس هذه الجهود الضخمة التي يبذلها والتي لا يسايرها أي نشاط دعائي أو اعلامي.. والأكثر من ذلك نجد اغلب المسئولين في حالة صمت وكأن الحديث عن هذه المشروعات أمرا ليس من اختصاصهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف