عبد الرحمن فهمى
إذا لـــــم ألتــــق بكــــم غــــدا ...
بلاش الكلام والكتابة في السياسة... اعود للكتابة في الرياضة التي احترفت الكتابة فيها وعنها عام 1954 في "المصور" رحم الله فكري باشا اباظة!!!! سأروي لكم حكاية انفردت بها "الجمهورية" عام ...1960 وسأكتب لكم في نهاية المقال لماذا تذكرت هذه الحكاية بالذات اليوم!!!... توكلت علي الله...
* * *
كانت المباراة بين مصر والسودان في الخرطوم في يناير ...1960 الفائز في المباراة يتأهل لتمثيل افريقيا في أوليمبياد روما في نفس السنة.. كان مدير الفريق مصطفي كامل منصور والمدرب بروشتش مدرب الأهلي والفريق القومي... بعد العشاء ليلة المباراة مر مصطفي منصور علي حجرات اللاعبين في فندق "جراند أوتيل" كالعادة ليطمئن علي نوم اللاعبين فلم يجد صالح سليم في حجرته... ظل ينتظره في تراس الفندق الي أن عاد عند منتصف الليل... اتضح أنه كان في النادي الليلي بالمطار وهو المكان الوحيد في الخرطوم الذي يسهر مساء... بهدوء وبسرية تامة شطب مصطفي منصور مع بروشتش اسم صالح من الفريق لعب رفعت الفناجيلي متوسط هجوم بدلا منه وكانت فرصة لسمير قطب أن يلعب بجوار طه اسماعيل بدلا من الفناجيلي!!!.... كانت المباراة في منتهي الأهمية... مصر كلها حول اجهزة الراديو - لم يكن هناك تليفزيون بعد - خاصة أن فريق السودان كان مرعبا في مباراة الذهاب بملعب الأهلي - لم يكن هناك استاد بعد - يكفي صديق منزول هداف عالمي وثلاثي الترسانة!!!
المهم فزنا بالعافية بهدف علاء الحامولي خلال ضربة ركنية... ووسط فرحة لا حد لها من اللاعبين والجهاز الفني ونزل المصريون حتي نحن الصحافة وادارة البعثة نزلنا الي الملعب... وهات يا فرحة وقبلات واحضان في وسط الملعب... فإذا بالأخ صالح يشد ذراع مصطفي كامل منصور ويقول له بنزفزة كبيرة : لماذا لم العب؟!... ثم فقد صالح اعصابه وهو الكابتن الذي كان أولي واحد بالفرحة فلم يتمالك نفسه وصفع مصطفي منصور علي وجهه وشده من القميص الذي تمزق وتبادل معه الضرب باليد والقدم... يوسف الشريعي احتضن منصور وأخذه بعيدا في نفس الوقت طارق سليم احتضن أخاه وأبعده.
في المساء اجتمع المرحوم مراد فهمي رئيس البعثة بنا نحن الصحفيين وطلب منا نسيان هذا الموضوع تماما... حتي لا نفسد فرحة الشعب والمسئولين بالنصر والتأهل للعب في روما... بشرط بعد كام يوم سيوقع الاتحاد علي صالح سليم بعض العقوبات المادية والرياضية... وايضا في السر!!!!
ثم حدث ما لم يكن في الحسبان... صحف السودان واذاعة أم درمان فضحتنا ونشرت الصحف الموضوع بالصور!!!!! ويتصل المشير عبدالحكيم عامر من دمشق ويشتم الجميع وعلي رأسها الصحافة : قولوا لنا الحقيقة يا... يا.... كذبت كل الصحف هذه الواقعة من أساسها... ولكن بناء علي نصيحة من صديق العمر عزت العشماوي كتبت الحقيقة كاملة خوفا من أن افقد ثقة القراء من اجل انتمائي المعروف!!! وهاج عبدالحكيم عامر أكثر وقال اوقفوا هذا الكاذب الذي يعمل ضد البلد!!!!... فكتبت تفاصيل أكثر في اليوم التالي وكتبت في نهاية المقال العبارة المشهورة التي اكتب هذا المقال من اجلها... كتبت :
ــ إذا لم تجدني هنا غدا فاعلم ان المانع ليس خيرا!!!
زاد جنون عبدالحكيم عامر وطلب من عبدالعزيز مصطفي اجراء تحقيق رسمي في هذا الموضوع... كان الكل يريد أن يشهد ضدي عدا مصطفي كامل منصور طبعا واعتذر بروشتش عن الحضور أصلا... وكان الكل متوقعا نهايتي الصحفية... فاذا بالتحقيق انتهي بعد دقائق عندما حضر صالح سليم دخل الحجرة رأسا... وقال لعبدالعزيز مصطفي : التحقيق في ايه... كل ما كتبه فلان وكتبته الصحف السودانية وقاله راديو أم درمان صحيح مائة في المائة... وكل ما سيقوله لك الجالسون في الخارج كذب في كذب!!! قرر عبدالحكيم عامر عدم معاقبة صالح سليم نظرا لصدقه واخلاقه!!!! وبعد... إذا لم التق بكم غدا فاعلموا أن المانع ليس خيرا!!! جملة لا انساها في حياتي!!!