أحمد عبد التواب
سجين يفوز فى الانتخابات..
يخلط البعض بين شيئين مختلفين ويعتبرونهما شيئا واحدا! فأما الأول فهو أن تكون حقاً خير من يُعبِّر عن مصالح الجماهير بالمعرفة والإخلاص والتفاني. وأما الشىء الآخر، المختلف تماماً، فهو أن تعرف الجماهير هذا وتؤمن به حتى يصير بمقدورك أن تحصل على ثقتهم لتمثيلهم عبر الانتخابات. وبرغم هذا الوضوح، فإن بعض المتفانين المخلصين يكتفون بكل ما هو مكنون فى ذواتهم ويطرحون أنفسهم فى الانتخابات فيخسرون خسائر مدوية! فيرتبكون، ويُرجِعون خسارَتهم للتزوير!
والحقيقة أن تزوير الانتخابات فى مصر فولكلور عتيد لا يمكن إنكاره، وكان رفضه من أهم أسباب الإطاحة بمبارك. ولكن هناك حقائق أخرى ينبغى إقرارها تُفسِّر أن هناك من تمكنوا من قهر المزورين حتى فى السبعينيات، وكان الراحل أحمد طه اليسارى المستقل نائب شبرا نموذجاً فذاً جمع بين الكفاءة وإقناع الجماهير، إلى أن وصل حماس الكثيرين منهم إلى حد التطوع فى حملته، بدءاً من تنظيم عمليات الدعاية، ثم التصويت والتصدى لمن يعمل على منعهم، إلى حماية الصناديق قبل الفرز، ثم المراقبة اللصيقة الفعّالة للفرز، إلى أن يُعلَن فوزه.
وحدث مرة أن توهم عتاة المزورين أن فوزه مشروط بوجوده الفيزيقى فحبسوه قبل الانتخابات بأيام، فكان هذا عامل استفزاز لمؤيديه الذين ضاعفوا جهودهم حتى فاز وهو فى محبسه!
وبدلاً من الاستفادة من هذه الدروس، فإن لدينا الآن من ينسحبون من الانتخابات بعد أن يتيقنوا من استحالة فوزهم، ثم يصدرون بيانات يحكون فيها حكايات أخرى عن التزوير المتوقع، وعن انحياز الأجهزة، وعن الشروط التعسفية..إلخ
الموضوع لا يحتمل الجدل، فلقد ثار الشعب من أجل الديمقراطية التى تعتمد على مبدأ إجراء الانتخابات بتوفير شروطها، بما صار يُوجِب على الراغبين فى نيل شرف الحصول على التمثيل الشعبى أن يطوروا مهارات اللعبة وأن يتقنوا فنون التعامل مع الجماهير بما يصبّ فى الصندوق بأصوات مؤيدة. ودون هذا لا فوز فى الانتخابات ولا تعاطف من الناخبين فى المزاعم المتهافتة التى لا تحترم عقولهم.
والكلام بمناسبة أن البعض يبددون الوقت بظن أنه لا يزال مبكراً على العمل الدءوب للانتخابات المحلية المقبلة والتى تليها الانتخابات الرئاسية.