كنت قد فضلت عدم تناول ما يحدث في نقابة الصحفيين من أحداث ومواقف إلا أن تصعيد المشكلة من بعض الذين لا ينتمون لإلى نقابة الصحفيين من مخرجين وسياسيين وأعضاء أحزاب ورجال شارع عاديين وباحثين عن زعامات جعلني أتأكد أن البعض-ومنهم أعضاء في النقابة- قد أقحموا نقابة الصحفيين في مشكلة وكأن الموضوع (تار بايت) وتصفية حسابات في وقت تمر فيه مصر بمرحلة تطلب تكاتف الجميع وتوحيد الرؤى والأهداف من أجل بناء مصر وزيادة الانتماء الحقيقي الذي ينبع من القلب للوطن (الأرض والإنسان).
وبعيدا عن السياسة والانتماءات الحزبية وتصفية الحسابات والنظرة الضيقة للأمور وافتعال الأزمات ولأنني عضو بنقابة الصحفيين فإنني أرى أن المشكلة قد أخذت أبعادا وأشكالا لا صلة لها بالمهنة ولا بمصلحة من ينتمون إلى صاحبة الجلالة.
وبالحق أقول إن ما فهمناه أن هناك أمرا بضبط وإحضار صحفي ومواطن عادي .. الصحفي هو عمرو بدر والمواطن هو محمود السقا.
الزميل عمرو بدر طلبته النيابة بشأن موضوع لا صلة له بالعمل الصحفي أو النقابي من قريب أو من بعيد الأمر الذي كان يستلزم تسليم نفسه للنيابة العامة فور علمه بطلبه للمثول أمام جهات التحقيق ولا يدخل النقابة للاختباء بها عن أعين رجال الشرطة .. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان على مجلس نقابة الصحفيين عدم السماح لعضوها بالاحتماء بها وهو مطلوب للعدالة في قضية هو بطلها ومسئول عما صدر عنه مسئولية شخصية ومن ناحية أخرى كان يجب على مجلس النقابة فور علمه بدخول عمرو بدر مقر النقابة الإسراع بتسليمه إلى النيابة العامة حفاظا على المهنة وعلى كرامة وحصانة النقابة التي احتفلت بمرور 75 عاما على إنشائها وهي شامخة .. أما إن لم يكونوا قد علموا باعتصامه فهذه مصيبة كبرى وإن كانوا قد علموا وسمحوا له بالاختباء فالمصيبة أعظم.
وبالنسبة إلى محمود السقا .. فإنني أتوجه بسؤال إلى كل من يهمه الأمر : كيف دخل السقا مقر النقابة وبأي صفة ومن سمح له وساعده في الهرب من العدالة في وقت يدافع فيه كل من يحمل قلما شريفا عن العدل وإعطاء كل ذي حق حقه ؟ وهل النقابة مأوى لأي مواطن دون أن يكون عضوا بها ومقيدا في جداولها ؟ وسؤال لابد من الإجابة عنه حتى تتضح الأمور.
وأؤكد أن عمرو بدر لم يكن مطلوبا لاتهامه في قضايا صحفية أو قضايا تتعلق بحرية التعبير ومحمود السقا لم يكن له حق دخول مبنى النقابة تحت أي مسمى وإقرأوا ما كتبه عن الدولة وعن أجهزتها وتحريضه على القتل وسفك الدماء.
يجب أن يعلم الجميع أن الحرية بهذا الشكل ما هي إلا فوضى ولكن الحرية التي نعلمها هي الحرية المسئولة وأن بعرف كل منا ماله من حقوق وما عليه من واجبات بعيدا عن الإضرار بالوطن.
نحن مع الحفاظ على نقابة الصحفيين وحماية هيبتها وتاريخها النضالي لذلك أقول لابد من تقديم دليل واضح لا يحتمل الشك حول اقتحام مبنى النقابة صوتا وصورة حتى نحاسب المسئول عن هذا الاقتحام الذي لا نرضى به إن كان قد حدث لأننا في أزمة لا تحتمل الكلام دون أدلة دامغة تفصل بين الطرفين.
وحتى تستقر الأمور وتهدأ الأوضاع وتتضح الحقيقة علينا جميعا السعي نحو مصلحة البلاد والعباد والتماسك والحفاظ على وحدة الصف في إطار الحرية المسئولة حيث في النهاية الأشخاص إلى زوال والباقية هي مصر.
علينا أن نصنع ما فيه الخير للوطن ونستفيد منه جميعا في الحاضر والمستقبل وألا نتفنن في صناعة الأزمات وشحن الأجواء بالمشاكل التي لن يكون فيها غالب أو مغلوب ألا نساهم في تشويه صورة مصر لصالح فئة ضلت الطريق وتعيش الان في تركيا وقطر وتنفخ في النار لإشعال الفتن بين أبناء الوطن ولكن غاب عنهم أن الله سبحانه وتعالى هو خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
ويا عالم أليس منكم رجل رشيد؟