الرأى للشعب
علاء لطفى
حـريـق القـاهـرة

تلعب الرمزية دور البطولة في الحرائق الغامضة الدائرة بقلب القاهرة النابض .. فالتسلسل الزمنى المتسارع ثم الاطار الجغرافي المتقارب أحياناً ، ثم رقم الخسائر المتصاعد مع ألسنة النيران هى جميعها روابط خفية لعمل إجرامي ممنهج يستهدف اقتصاديات الأفراد والتجار والمواطنين بعد أن تم استهداف الاقتصاد الرسمي للدولة المصرية بشكل علني على مدى العاميين الماضيين سواء بالشائعات وحملات التشكيك ، أو بالأعمال العدائية المباشرة لضرب القطاع السياحي ، وتشريد الآلاف من العاملين به وهروب الاستثمارات الى مناطق أخرى من العالم .. الحرب الخفية الدائرة كبدت الاقتصاد المصري المليارات ، وهى بالمناسبة لم تبدأ من حريق العتبة والغورية ، لكنها دائرة في شتى المحافظات على مدى الأيام والأسابيع الماضية تلتهم أرزاق الغلابة دون وازع أو رادع من ضمير منذ انتصار الشعب لإرادته في 30 يونيو .. وهى حرب لم تكن غائبة عن ادراك الدولة المصرية والاستعداد لها كان يجرى في صمت لم يكشفه بالمصادفة سوى تحفظ الحكومة الألمانية عن منح التسهيلات الائتمانية لمصر، لتغطية الصادرات الألمانية الحيوية مثل سيارات الإطفاء ، ليتبين أن مصر طلبت 100 سيارة إطفاء بقيمة 100 مليون يورو ولكن ألمانيا لم تقدم التسهيلات الائتمانية اللازمة ففازت بها النمسا .. مصر كانت تعلم ما ينتظرها من حرب على الاقتصاد العائلي والرسمي ، وسعت الى تحصينه وحمايته بضخ الأموال لشراء تجهيزات الاطفاء دون اثارة للذعر أو التهويل لإسقاط المخطط الاجرامي قبل أن يبدأ ، لكن اختباء العدو في الداخل بين الشرفاء من أبناء الوطن يُصعب من المواجهة ويضع المواطنين في مواجهة مباشرة مع قطعان الارهاب وأدواتهم .. المخطط لضرب الاقتصاد العائلي بدأ منذ شهور في مركزان رئيسيان ـ حسب ما تردد ـ لتنفيذ الخطة الإخوانية أحدهما فى الكويت والآخر فى لندن لشراء النقد الأجنبي بأسعار مبالغة من خلال اتصالات مع شركات صرافة فى القاهرة تودع المبلغ بالجنيه فى حساب العميل ومندوب الإخوان يتسلم الدولارات فى الخارج •• مخطط الجماعة استهدف زيادة الضغوط على البنك المركزى وقدرته على تثبيت سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية •• والنتيجة ارتفاع أسعار الواردات التى يقوم عليها الاقتصاد العائلي بالدرجة الأولى نتيجة الموجة التضخمية وبما يؤدى الى ركود في الأسواق وخروج صغار التجار وتسريح الآلاف من العاملين لينضموا لاحقاً الى طابور البطالة .. لم تكن الخطة كافية رغم تأثيرها ، بل ان مفعولها أبطل بفعل التدفقات النقدية من الأشقاء في الخليج ، ومجرد التلويح بأرقام تلك التدفقات ـ حتى وإن تأخر بعضها ـ كان ايذاناً بفشل "عصابات الدولار" .. واستمرت البضائع تتدفق الى القطاع الاقتصادى العائلي مع ارتفاعات طفيفة أحياناً ، وحادة أحياناً أخرى ، لكن العجلة لم تتوقف تماماً.

وهنا بدأ البحث عن مخرج من الفشل الذي يطاردهم بالانتقال الى مخطط آخر من وحى تاريخهم الأسود ، تستدعى فيه ألسنة النيران التى حرقت القاهرة يوم 26 يناير 1952 ، لتعيد نشرها من جديد في قلب القاهرة الاقتصادى حيث تتركز تجارة مصر في تلك الحواري والأزقة الضيقة و يدير كبار التجار والمستثمرون بها مليارات القطاع الاقتصادى العائلي، ثم منها الى شتى محافظات مصر لاستكمال ضرب القوة الاقتصادية المصرية الشاملة.

المؤكد أن مصر ستعبر ألسنة النيران طال أو قصر الزمان ، لكن المرارة ستبقي ليحصد من زرعها الثمار .. وصلابتنا وتكاتفنا في مواجهة الخطر لا حدود لها بينما رصيدكم من الكراهية يزداد كل حين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف