المساء
محمد جبريل
ع البحري -فلسطين.. كيف هزم العرب أنفسهم!
في 14 مايو 1948 أعلنت بريطانيا تنازلها عن الانتداب الذي كان مقرراً لها في فلسطين وفي الرابعة بعد ظهر اليوم نفسه قرأ بن جوريون من متحف تل أبيب قراراً بإعلان قيام دولة اسرائيل. لم يحدد البيان حدودا للدولة الوليدة باعتبار ان الحدود تقررها النتائج العسكرية ورفع رسميا - للمرة الأولي - علم الدولة الجديدة وبادرت الولايات المتحدة إلي الاعتراف بالدولة الصهيونية وتبعتها دول أخري من المعسكرين الغربي والشرقي ودفعت الفرحة آلاف اليهود إلي الرقص في شوارع نيويورك ولندن ومدن أوروبية أخري.
كانت الصهيونية قد استطاعت - في أعوام الحرب العالمية الثانية - أن تحقق الكثير من المكاسب أهمها تحول الشعب اليهودي إلي شعب محارب والتزود بالسلاح والعتاد بما يتيح تفوق الجيش الاسرائيلي علي الجيوش العربية مجتمعة بالإضافة إلي ضمان الولايات المتحدة لهذا التفوق.
والحق ان كل الدول الكبري كلها بلا استثناء مسئولة عن جريمة قيام دولة اسرائيل في قلب الوطن العربي. ساعدت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي الاعتداءات الصهيونية ومولتاها وأعلنتا الاعتراف بقيام الدولة الصهيونية عقب إعلان قيامها بدقائق وشكل إجراء الانتخابات في الولايات المتحدة في العام 1948 عاملا حاسما في موقف الرئيس الأمريكي ترومان الذي كانت تشغله أصوات اليهود الأمريكيين وحالت بريطانيا بين القوات العربية ونصرة المجاهدين الفلسطينيين وساعدت العصابات الصهيونية علي احتلال حوالي 80% من أراضي فلسطين قبل وأثناء معارك .1948
والحق ان الجيوش العربية دخلت فلسطين دون أن يكون فيها نظام إداري من أي نوع سواء علي المستوي المدني أو العسكري في حين كان اليهود قد أعدوا دولتهم في أعقاب إعلان استقلالها ومن هنا لجأ كل جيش عربي إلي إدارة المنطقة التي دخلها بالكيفية التي يراها واستعان بموظفين من البلد الذي يتبعه وفلسطينيين.
كان الوضع العربي أبعد ما يكون عن تحقيق انتصار عربي علي العصابات الصهيونية. النزهة التي تنتهي باستعادة فلسطين كانت وهماً أجادت القيادة السياسية - والعسكرية أيضاً - رسمه في أذهان ضباط الجيش. تمثلت الحقيقة في الاحتلال البريطاني لمنطقة القناة والسفير الذي يمثل سلطة الاحتلال في قصر الدوبارة بأوامره ونواهيه للملك والحكومة والقائد العسكري للقوات الأردنية انجليزي ونوري السعيد - رئيس وزراء العراق - لا يخفي عمالته للاستعمار البريطاني.
ترتب علي القوات العربية النظامية أمران هامان. الأول ان الصراع لم يعد مقصورا علي النزاع بين الفلسطينيين واليهود وإنما امتد ليصبح بين اسرائيل والأقطار العربية في مجموعها والثاني تعميق وصاية الدول العربية علي القضية الفلسطينية مما أضر بالقضية أشد الضرر بسبب جو المزايدات واختلاف المصالح.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف