عباس الطرابيلى
هموم مصرية- رمضان.. بين الزمالك وبولاق!
هل تختلف مطالب الناس، فى رمضان، بين من يعيش فى الزمالك.. عمن يعيش فى بولاق؟ أو بين من يعيش فى جاردن سيتى عمن يعيش فى المنيرة أو السيدة أو بين حى المهندسين.. وعبور شريط السكة الحديد إلى أرض الصين الشعبية فى بولاق الدكرور.. وما هى مطالب سكان كل منطقة ؟
وزمان كنا نتحدث عن كوبرى أبو العلا الذى كان يفصل قبل عام 1912 بين حى بولاق الشعبى- وفى مصر بولاقان: الأول والأشهر «بولاق أبو العلا» والثانى والأقل شهرة هو بولاق الدكرور.. والصواب: التكرور، بالتاء!!_-وبين سكان حى الزمالك، حيث سكن الأثرياء والسفراء.. ومقر إقامة معظم السفارات.
أليس كل المطلوب على الإفطار فى رمضان هو ما يرد جوع الصائمين.. وربما يجمع بينهم، على جانبى النهر، طبق المدمس الشهير.. وسلطانية الطرشي.. وعلى السحور، أيضًا طبق الفول مع سلطانية الزبادى الشهيرة بتاعة زمان، وربما يختلف ما يتناوله المصرى شرق النهر - من بولاق - عما يتناوله المصرى، غرب النهر، فى الزمالك.. ربما يقنع ابن بولاق بقطعة كنافة بالكريمة.. أو قطعتين من القطايف بالكريمة أيضًا أو بالفول السودانى أما ابن الزمالك فيطلب الآن كنافة بالمانجو والفراولة والكيوى وغارقة بقطع الفستق والكاجو. أو كنافة بالآيس كريم لزوم مقاومة حر هذه الأيام.. أما القطايف.. فحدث ولا حرج فى نوع الحشو وما على جانبى القطايف إشي عثمانلي أو اسطانبولي.. وإذا قنع ابن الحى الشعبى بالتسالى من الفول وحبات التمر السيوى أو النوبى أو ابريمى أو سكوتي.. فإن ابن حى السفارات يتسلى بحبات الفستق والكاجو وعين الجمل والمستورد من القراصيا إلى التين وقمر الدين أما «الشعبى» فهو يقنع بكوب من العرقسوس، والتمر هندى أو العناب أى خليط الكركديه مع التمر هندى.
ولا أعرف ماذا يأكل ساكن التجمع الخامس داخل الكومباوندات التى انتشرت هناك، وعزلت نفسها عن ساكنى السيدة وباب الخلق وباب الشعرية والضاهر والصوات: الظاهر بيبرس البندقدارى!
ولكن القضية هى الآن فيما يطلب ساكن كل نوع من الأحياء الشعبية أو الهاى لايف حتى تلك التى هجرت حى المهندسين، الذى كان مقرًا للصفوة إلى حيث أقصى شرق وشمال شرق القاهرة المحروسة.
وعلى أبناء الصفوة أن يطلبوا ما شاءوا.. وكله بالثمن.. واللى عايز يدفع.. حتى ولو كان الدولار ثمنه سيصل إلى 15 جنيهًا.. ولكن دون أن ينعكس ذلك على «نفسية» أبناء الأحياء الشعبية.
ولكن أن ينعكس سعر الدولار على أهم ما يأكله المصرى - على الإفطار وعلى السحور- وهو طبق الفول المدمس لأننا نستورد معظم مكونات من فول وعدس وزيت وكمون وتوابل.. إلى التوم الصينى هنا نقول لا.. بل وألف لا والسؤال الآن: لماذا أهملنا زراعة الفول المصرى المشهور لنستورد الفول من كندا إلى استراليا إلى إنجلترا.. والعدس الذي نستورده من أكثر شعوب العرب عداءً لنا وهي حكومة تركيا.. هنا هى الجريمة الكبرى.. جريمة أن نصل إلى حد استيراد كل طبق المدمس.. دون أن نسأل كل وزراء الزراعة على مدى 30 عامًا.. ماذا فعلتم فى الطبق المصرى الأساسى.. على مائدة الصائمين.. سواء كانوا أثرياء قادرين.. أم بسطاء يدبرون ثمن هذا الطبق بشق الأنفس.. تلك هى الجريمة الكبرى.