الأهرام
مرسى عطا الله
صناع الأزمات !
فى كل أزمة مجتمعية يتجدد إحساسى بأن الخطر الأكبر فى إشعال الأزمات وتقوية نيرانها وعرقلة مسارات الحلول الممكنة قبل استفحال الأزمة أنه يوجد بين ظهرانينا شريحة لا يستهان بها فى كل فئات المجتمع تضم خليطا من النمامين والدساسين والوشاة الذين يجيدون لعبة خلط الأوراق ولى الحقائق وإجادة فن النفاق لمن يستهدفون إيصال الرسائل إليهم لتلميع أو تشويه من يريدون.

وهذه الشريحة من الوشاة والدساسين تمثل خطرا على أى مجتمع لأنها شريحة تضم تجمعا غريبا من الفاشلين والحاقدين والمجروحين نفسيا وأخلاقيا.. ولعله إنصافا للحقيقة ضرورة التأكيد بأننا لسنا وحدنا الذين نعانى بعض ضعاف النفوس الذين يجيدون الدس والطعن فى الظهر والوشاية بالكذب فذلك سلوك اجتماعى قديم قدم الحياة البشرية ذاتها ولم تستثن كتب التاريخ شعبا أو أمة بعينها من هذا الداء اللعين الذى تطور مع تطور المجتمعات.. ولكن يبدو أن ضغوط الحياة وتراجع الإيمان بالقيم الأخلاقية فى هذا العصر قد أدى إلى اتساع وانتشار حجم هذه الظاهرة اللعينة عندنا وعند الآخرين!

ويخطىء من يظن أن بالإمكان تنقية أى مجتمع من مثل هذه الشرائح المريضة بين يوم وليلة لأن الذين تربوا على هذا السلوك يصعب تهذيب سلوكهم بمزيد من جرعات التوعية والإقناع وإنما السبيل الوحيد يكمن فى مدى قدرة «الكبار» على التمييز بين الغث والسمين من الأقوال والفصل بين الطيب والرديء من الأفعال بعيدا عن أجواء النفاق ودقات المديح الكاذب!

أتحدث ـــ مرحليا ـــ عن الحاجة إلى الوعى والحذر من هذه الشرائح المتخصصة فى إشعال حرائق الأزمات ومواصلة صب الزيت على نيرانها مستندة فى ذلك إلى أن الإمساك بالأدلة الدامغة عليها أمر بالغ الصعوبة لأنها أدلة مدفونة فى الضمائر والصدور وهو ما ييسر لها وجودا مؤثرا فى دفع الأحداث نحو اتجاهات ومسارات خاطئة!

ولكن يظل العلاج الجذرى لهذا المرض الاجتماعى الخطير مرتهنا بمدى إدراكنا لأهمية مراجعة مناهج التربية والتعليم من أجل تنشئة أجيال جديدة وسط أجواء نقية تنمى فيهم حب الغير وأمانة القول من خلال توسعة قاعدة «القدوة الطيبة» من المعلمين والمربين الذين يتعلق الأطفال بصفاتهم وسلوكياتهم الحسنة والرشيدة!

خير الكلام:

<< الحكيم هو من يعرف متى يتكلم ومتى يصمت ومتى يتحرك!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف