الكورة والملاعب
سمير الجمل
انت مين.. فيهم؟
اختلط الأمر علي المشاهد.. أنها إعلامية تقدم برنامجاً لكنها من حيث الشكل والمظهر.. ومن حيث أسلوب الأداء هي أقرب إلي الممثلة؟.. فماذا عن ممثلة صفتها تقمص الأدوار علي اختلافها.. ونراها علي قناة فضائية تقدم برنامجاً.. فإذا بها تتقمص دور الإعلامية..! والنتيجة لا الممثلة قدمت نفسها بمستوي إعلامي.. ولا الإعلامية أدت دورها كما ينبغي دون أن تكشف عن قدراتها الخاصة كممثلة..
نعم من حق الممثلة أن تقدم البرنامج.. لكن من اللائق إعلامياً أن نري الإعلامية.. تقدم برنامجاً كممثلة!..
الخطيئة هنا.. أن الممثلة المطلوب منها تقمص كل دور يجب عليها أن تؤديه بصرف النظر عن توافقها مع الشخصية أو تعارضها.. وكلما تعمقت في أداء الدور ارتفعت مكانتها بين أبناء مهنتها..
وهي إذا دخلت عالم تقديم البرامج.. من باب أكل العيش والاسترزاق تبدو حائرة.. هل تمارس هوايتها كممثلة وتعتمد علي معرفة الناس السابقة بها.. وتدخل بذلك دون أن تشعر في دائرة الاستظراف الزائد والدلع غير المقبول.. وبهذا تبعد عن دورها الإعلامي الأساسي.. رغم أن الغالبية تفضل البرامج الحقيقية.. مقابلات.. طبيخ.. وغالباً ما يكون ضيوفها من الممثلين والممثلات.. وتري المجاملات المبالغ فيها.. وسرعان ما يتحول البرنامج إلي لوحة سخيفة تافهة لا تخرج منها بشيء مفيد خاصة إذا جاءت الممثلة بمجموعة من الزملاء وتناوبوا اللعب والأكل والتهريج فإذا ضغطت زر الريموت بطريقة عفوية إلي نشرة الأخبار ووجدت ما فيها.. أدركت علي الفور أن مجموعة الممثلين يعيشون خارج نطاق حياتنا.. يؤكد ذلك أنهم لا يتواصلون مع مشاكل المجتمع إلا نادراً.. مع أن الفنان الحقيقي يفخر دائماً وأبداً بأنه يعزف علي أوتار أهله وناسه في كل صغيرة وكبيرة ويعيش نبض وطنه لحظة بلحظة والإشكالية أن الإعلامية التي تمثل لا هي نجحت في الإعلام ولا تفوقت في التمثيل إلا في حالات نادرة لأن الطريقين بينهما حاجز من الاختلاف.
الإعلام يتكلم في حقائق وأخبار وتحليل.. والفن خيال وإبداع.. الإعلام له قواعده ووقاره.. والفن له شطحاته.. وإذا كان الإعلام يمثل.. والتمثيل يتحول إلي إعلام.. اختلطت الأوراق والمفاهيم واختل الميزان.. ومن هنا لا يدهشك أن تتحول الإعلامية من مذيعة إلي ممثلة ويالتها تحترم عملها الإعلامي لكنها تقبل الأدوار المبتذلة ثم نراها تطل علي جماهير المشاهدين في برنامجها وتتحدث عن مشاريع إنسانية.. نعم يعرفون أنها تمثل.. ولكن مشاهدها المثيرة المستفزة تلعب في عقولهم وتتناقض مع ما تحاول أن تفعله.. خاصة أنها تمثل وهي تقدم برنامجها وبذلك يسقط الحاجز الفاصل بين ما هو واقعي حقيقي وبين ما هو تمثيل..
وخلاصة القول إن الإعلام والتمثيل أشبه بخطين متوازيين يتشابهان في شيء.. ويختلفان في أشياء.. وأكبر دليل هذا الانحطاط في معظم البرامج والمستوي المتدني في الأفلام والمسلسلات.. حيث لا أفلح الإعلامي ولا نجح الممثل إلا قليلاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف