المساء
محمد جبريل
ع البحري -صرصار علي الشاشة
صعب ان يجلس المرء إلي مائدة الطعام. يلتذ بما عليها وهو يتابع برامج التليفزيون. فيطالعه - في اتساع الشاشة الصغيرة - صرصار متحرك. هائل الحجم.
ظني ان رد الفعل العفوي للصورة المفاجئة. هو الإحساس بالقرف. ومغالبة الغثيان. والرغبة في القيء.
ذلك هو رد الفعل البديهي للاختراع السخيف الذي أراد به معلن المبيد الكيماوي ان يحفزك لاقتنائه. سعياً للقضاء علي الحشرات المؤذية. لم يضع حساباً للأثر الذي ربما يناقض ما أراده من الإعلان ذي الصورة المقززة.
الترغيب في المشاهدة. والتحريض علي اقتناء البضاعة المعلن عنها. هو الهدف الذي يسعي إليه مصمم الإعلان. والذي قد لا تحققه مواد غريبة يصر علي تقديمها العديد من شركات الإعلان.
الحرص علي توصيل الإحساس بالتقزز ليس مقصوراً علي الصراصير. لكنه يشمل الصور الفاضحة. والعبارات المكشوفة التي تجيزها القنوات الفضائية لأنها تدر أرباحاً. وتتسق - في توهم أصحاب القنوات - مع حرية الإبداع.
للإعلان وجهان أو أكثر. وإذا كنت أرفض الوجوه السيئة في إعلانات التليفزيون. فإني أقصر توبيخي - مجرد توبيخ - علي السادة مسئولي القنوات الفضائية وشركات الإعلان. لا ألوح بما يعادي حرية الإبداع. ولا بدعوي الحسبة. رأيي ان الحرية هي الأصل. لكن التقاعس عن المراجعة. وتبين الصواب من الخطأ. وانعكاس التأثيرات السلبية. قد يفضي إلي خسارة المنتج الذي يدعو إليه الإعلان. فيتبدل المعني. أو ينقلب إلي عكس ما يرجوه صاحب السلعة.
الإعلان فن. وما يناقض الفن مطالعة المشاهدين بالصراصير وغيرها من الحشرات. وبالتلميحات الجنسية الصارخة التي تؤذي الأب في جلوسه بين أبنائه . وتوقعه اسئلة - تفاجئه بالفعل - يغالب أمامها ارتباكه. ولا يجد رداً!
ثمة إعلانات نستعيد أغنياتها ومواقفها الطريفة. ونحاكيها. تجتذبنا بفنيتها وشفافيتها المرهفة. وتعبيرها عن المعني. دون ان تخدش الحياء أو الذوق. أو تفرض أسئلة علي الأب المسكين. يكتفيان أمامها بالبحلقة. والصمت المرتبك!
في شركات الإعلان العالمية متخصصون في ذلك المجال التسويقي المهم. يحاولون دراسة نفسية المتلقي. ومدي استجابته لطريقة الإعلان عن السلعة. أو نفوره مما قد يحمله من صور أو تعبيرات مرفوضة.
لو ان الشركات المنتجة حاولت تطبيق معايير هؤلاء المتخصصين العالميين في إعلانات الترويج للسلع. فستدرك سر العزوف عن شراء منتجاتها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف