خطير.. خطير.. ذلك التقرير الصحفي الذي نشره زميلنا صفوت عمران في "الجمهورية" يوم السبت الماضي تحت عنوان "أحمد عز يعود للبرلمان مجددا عبر تكتل المستقلين 2015 الذي يضم 45 نائبا".. ولو صحت المعلومات التي تضمنها هذا التقرير فسوف نكون أمام جريمة فساد سياسي تستوجب الحساب والعقاب.
المدخل الذي اختاره الزميل لتقريره عبارة عن كلمة تعنيف وجهها د.علي عبدالعال رئيس مجلس النواب لأحد الأعضاء من محافظة قنا وقال فيها: "أقعد انت.. أنا عارف مين اللي مشغلك.. ومش حاسمحلك تسيء إلي البرلمان".. ثم انطلق التقرير بعد ذلك ليجيب عن السؤال المهم: مين اللي مشغله؟!
يقول التقرير استنادا إلي مصادر مقربة أحمد عز ان رجل جمال مبارك نجح في تكوين تكتل يضم 45 نائبا في البرلمان يعبرون عن مصالحه ويدافعون عن أجندته التشريعية أغلبهم من نواب الحزب الوطني تحت مسمي تكتل المستقلين ببرلمان ..2015 وكل نائب يحصل منه علي راتب شهري يبدء بـ 20 ألف جنيه ويصل إلي 50 ألفا وفقا لحجم النائب واسمه.. وتم تأجير مقر دائم لاجتماعاتهم باحدي المناطق القريبة من مجلس النواب.. علاوة علي عقد لقاءات دورية معهم في عدد من الأماكن.
وبالفعل - حسب التقرير - نجح أحمد عز في اختراق عدد من اللجان.. خاصة لجان الصناعة والخطة والموازنة والتنمية الاقتصادية والشئون التشريعية وعدد آخر من اللجان لفرض مصالحه الاقتصادية وتشمل أجندة العمل الخاص بمجموعة عز داخل البرلمان الهجوم المتواصل علي الحكومة واظهار تعثرها في عدد من الملفات ومقارنة ذلك بأيام حسني مبارك وكيف ان الميزان يميل إلي العهد السابق ليتخذ ذلك مدخلا لعودته للحياة السياسية مجددا.
ويشير التقرير إلي أن علاقة أحمد عز بنواب تكتل المستقلين 2015 لا تتوقف علي العمل السياسي فقط.. وإنما تشمل أيضا مصالح تجارية وصناعية مما عزز دورهم في منع أي قرار يمس مصلحة أحمد عز خاصة ان عز دخل في معركة مؤخرا بسبب رفع سعر الحديد 395 جنيها للطن الواحد ليبلغ سعره حوالي 5270 جنيها وذلك رغم اعلان الحكومة تخفيض اسعار الغاز المخصص لمصانع الحديد خلال الفترة الماضية بما يقارب 50%.
ويتحدث التقرير أيضا عن ان نواب عز يحظون بدعم لوبي إعلامي واسع من أجل انتقاد ثورة 25 يناير والتمجيد في ثورة 30 يونيه فقط وكأنه لا توجد ثورة غيرها.. ليبقي السؤال: من يقف وراء تحركات أحمد عز.. وهل الأمر يتوقف عند تحقيق مصالحه أم انه يجري الترتيب مجددا لعودة نظام مبارك؟!
خطورة هذا التقرير تتمثل في انه يتحدث عن ترتيبات تتم في السر.. وتحالفات سياسية تتم بمقابل مادي.. مرتبات ثابتة تتراوح بين 20 و50 ألف جنيه شهريا.. وأجندات سياسية وتشريعية غير معلنة.. وبعد أن كانت مشكلة البرلمان الحالي في وصول بعض أعضائه إلي مقاعدهم بالرشاوي الانتخابية والمال السياسي صارت لدينا مشكلة أخطر وأسوأ وهي حصول بعض النواب علي رشاوي سياسية للتعبير عن مواقف وآراء تحت القبة بمقابل مادي ولحساب شخص معين له أجندات تشريعية.
المصيبة الكبري.. ان عز لا يكتفي باللوبي البرلماني وإنما - حسبما يقول التقرير - استطاع تشكيل لوبي إعلامي واسع تستطيع أن تشم رائحته في كل اتهام موجه إلي ثورة 25 يناير وشهدائها وأهدافها.. والغريب ان هذا اللوبي احتار في اتهاماته للثورة.. أحيانا تكون عميلة لأمريكا وإسرائيل.. وأحيانا تكون عميلة للإخوان.. وأخيرا سمعنا أصواتا تقول انها كانت من صنع وترتيب المجلس العسكري للتخلص من مبارك وابنه جمال مبارك ليس أكثر.. والمهم في ذلك كله ألا يعترف لوبي أحمد عز بأنها ثورة شعب.
وسوف تتفاقم مشاكل هذا اللوبي المشاكس طالما ظل أحمد عز يلعب من وراء ستار.. ولو كان ذكيا لاتبع نهج صديقه اللدود نجيب ساويرس الذي يؤسس الأحزاب والائتلافات ويتحكم في قراراتها ومواقفها علنا.. ولكن دون ان يشغل أي منصب رسمي فيها.. يكفيه لقب "المؤسس" والمال يتكفل بعد ذلك بكل شيء.. المهم ان يلعب في العلن.