الوفد
علاء عريبى
رؤى -مشروع صحافة الناصريين بعد تعديله أسوأ من قانون 96
- يعين القواد وتاجر المخدرات والمزور والحرامى رئيساً للتحرير ومديراً للقناة
- يُسمح بتفتيش منزل ومكتب وسيارة الصحفى والمذيع ويشجع على إهانتهما وضربهما أثناء تأدية عملهما
- سمح لرجال الأعمال بفصل الصحفى والمذيع فى ثلاثة أشهر وتشريد أسرهما
- يُحاكم على النية وحيازة البيانات وليس على النشر والعلانية

سعدت جداً عندما أعلنت الحكومة منذ يومين عن موافقتها على مشروع تنظيم الصحافة والإعلام الموحد، وظننت أن مشكلة مواد القانون قد انتهت، وأن المشروع الذى وافقت عليه الحكومة تم تعديل العديد من مواده استجابة لرغبة الصحفيين، لكن للأسف بعد أن اطلعت على مشروع القانون الصادر من مجلس الوزراء، اكتشفت أنه الأسوأ فى تاريخ الصحافة المصرية، وأن الناصريين واليساريين الذين قادوا لجان إعداد القانون وتعديله فيما بعد (فى نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة) يجب سحب الثقة منهم، وتنحيتهم عن الحديث باسم الصحفيين، لأنهم غير جديرين بثقة الصحفيين، فقد أكد بعضهم على مدار الأسابيع والماضية قيامهم بتعديل المواد التى تمس حرية وكرامة وسمعة الصحفيين من المشروع، لكن للأسف النسخة التى نشرت بعد التعديل وموافقة الحكومة تؤكد عكس ذلك، وتقطع بما لا يدع مجالًا للشك بأن مشروع القانون تمت صياغته فى جهة أو جهاز أمنى، وأن مواده أعدت فقط لتقييد العمل الصحفى وحرية التعبير، ومحاصرة الصحفيين والإعلاميين بين فكى كماشة.
والمؤلم أن الملاحظات التى سبق أن نبهنا إلى بعضها قبل ادعاء التعديل مازالت هى نفسها، بل الخطر أن من ادعوا التعديل كذبا قاموا بإضافة بعض اللمسات التى تزيد قبضة الدولة وتحاصر الصحفى وتهينه، مثل تعديل مادة لكى تسمح بتفتيش منزل ومكتب وسيارة الصحفى، وتصنيف جرائم النشر ضمن الجرائم الجنائية، والإصرار على أن يتولى القواد، وتاجر المخدرات، والحرامى، والمزور، والمرتشى، والمغتصب المناصب القيادية فى الصحف وفى القنوات الفضائية، وكذلك تعيينهم أو اختيارهم فى رئاسة ومجالس ادارة الصحف والقنوات والمواقع، وأيضاً يسمح لهؤلاء المجرمين السابقين بعد رد اعتبارهم بالمشاركة فى المجلس والهيئات الإعلامية والصحفية.
ورد الاعتبار حسب المواد من 536 حتى المادة 553 من قانون الإجراءات الجنائية، قضائيًا أو إداريًا، ففى القضائى اشترط إلغاء السابقة من صحيفة الحالة الجنائية بحكم قضائي، سواء كانت جريمة أو جنحة، بعد مرور ست سنوات، على قضاء العقوبة أو صدور عفو عنها، فى جرائم الجنايات، وثلاث سنوات فى قضايا الجنح، أما رد الاعتبار الإدارى (المادة 550) فاشترط مرور 12 سنة على قضاء العقوبة الجنائية، وست سنوات فى قضايا الجنح.
وقد سمح مشروع القانون لمن قضوا عقوبة مخلة بالشرف بتولى المناصب فى عشر مواد، جاءت على النحو التالى:
رد الاعتبار
1- مادة (44) اشترطت فى حالة طلب إصدار صحيفة رد الاعتبار للمسئولين عن التحرير.
2- مادة (62) رد اعتبار مدير البرامج بالقناة المرئية والمسموعة والرقمية.
3- مادة (91) اشترطت رد اعتبار رئيس مجلس الإدارة قبل تعيينه.
4- مادة (92) رد اعتبار أعضاء مجلس الإدارة بالتعيين أو الانتخاب.
5- مادة (96) رد اعتبار رئيس تحرير الصحيفة.
6- مادة (115) رد اعتبار رئيس مجلس إدارة المؤسسة الإعلامية.
7- مادة (122) ورد اعتبار أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الإعلامية والجمعية العمومية.
8- مادة (130) رد اعتبار من يعين بعضوية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
9- مادة (162) رد اعتبار من يعين رئيسا أو عضوا بالهيئة الوطنية للصحافة.
10- مادة (188) رد اعتبار من يعين رئيسا أو عضواً بالهيئة الوطنية للإعلام.
وقد سبق أن طالبنا بإلغاء رد الاعتبار والتمسك بنزاهة من يتولون مناصب قيادية فى الصحف والقنوات، لكن للأسف يصر الناصريون فى النقابة وفى المجلس الأعلى للصحافة بالاشتراك مع الحكومة، وبتعليمات من الأجهزة، على أن يلوثوا ثوب الصحفيين والإعلاميين، وذلك بفتح الباب للمجرمين السابقين (القواد، والحرامى، والمرتشى، والقاتل، والمزور..) فى تولى أرفع المناصب فى المؤسسات الصحفية والإعلامية، والمغزى من هذه الخطوة بالطبع السيطرة على المؤسسات الصحفية والإعلامية، ومعايرة الصحفيين والإعلاميين دائما وغالبًا بأن قياداتهم مجرمون سابقون.
الطريف أن مشروع القانون اشترط نزاهة مالك الجريدة والقناة والموقع، ومواد الإصدار اشترطت عدم الحكم عليه فى قضايا مخلة بالشرف، أكانت جنائية أو جنحًا، كما أنها، وهذا هو الأخطر، لم تشترط حصوله على مؤهل دراسى أو جامعى.

انتهاك منزل الصحفى
المادة 45 من مشروع قانون اليساريين والناصريين قبل تعديله، سمحت بتفتيش منزل الصحفى، وانتقدنا يومها المادة، وقيل لنا إنه كان مجرد خطأ وتم استدراكه، المادة (40) من مشروع القانون الذى وافقت عليه الحكومة، أضافت للمنزل مقر عمله فى تحد سافر للصحفيين، حيث سمحت بتفتيش المسكن والمكتب وبالطبع السيارة بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة: «لا يجوز تفتيش مكتب أو مسكن الصحفى أو الإعلامى بسبب جريمة من الجرائم التى تقع بواسطة الصحف أو وسائل الإعلام إلا بواسطة أحد أعضاء النيابة العامة.
كما سمحت كذلك المواد بإهانة الصحفى والمذيع والاعتداء عليهما أثناء تأدية عملهما، وذلك بعد أن ألغت مواد الاعتداء على موظف أثناء عمله من المادة المنقولة عن قانون 96، واكتفت بغرامة مالية لمن يعتدى على الصحفى أو الإعلامى أثناء تأدية عمله: «مادة 209، وكانت رقم 10 بمشروع الناصريين: يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعدى على صحفى أو إعلامى بسبب أو أثناء عمله».
وقد كانت العقوبة فى المادة 12 من قانون 96 لسنة 1996، تأخذ بالعقوبات الخاصة بالاعتداء على الموظف العمومى فى قانون العقوبات (وهى 133 و136 و137أ) والتى تصل إلى السجن المشدد والمؤبد.


جناية وليست جنحة
المادة 40 من مشروع الناصريين واليساريين أدرجت جرائم النشر ضمن الجرائم الجنائية بالمخالفة لما سبق فى قانون 96، من تصنيف جرائم النشر ضمن الجنح، ونبهنا إلى قسوة الأحكام التى تبدأ من 3 سنوات حتى السجن المؤبد، وقيل لنا أيامها إن النقابة استدركت هذا الخطأ غير المتعمد وقامت بتعديله، وللأسف نقل التصنيف كما هو فى مشروع ما بعد التعديل وموافقة الحكومة، وأدرجت الجنايات فى المواد 36، و37: إذا حركت الدعوى الجنائية بسبب الجرائم التى تقع بواسطة الصحف أو وسائل الإعلام جاز للمتهم أن ينيب عنه وكيلاً لمتابعتها ما لم تأمر المحكمة بحضوره شخصيًا.

جرائم الوثاق
يعتمد الصحفى والإعلامى فى عملهما على الوثائق والبيانات والمحررات الرسمية لكشف الفساد والتجاوزات القانونية فى المؤسسات المختلفة للدولة، ونشر الوثيقة أو مضمونها خير دليل على صحة انتقاداته واتهاماته، هذه الوثائق للأسف والأوراق والبيانات تشكل أزمة للصحفيين فى مشروع الناصريين، حيث سمحت المادة 44 قبل التعديل، و39 بعد التعديل الموافق عليها، بتفتيش الصحفى ومحاكمته لحيازته الوثائق والمستندات والمحررات الرسمية: لا يجوز أن يتخذ من الوثائق والمعلومات والبيانات والأوراق التى يحوزها الصحفى أو الإعلامى دليل اتهام ضده فى أى تحقيق جنائى، إلا إذا ثبت قانونًا صلتها بالجريمة موضع التحقيق، ومع مراعاة أحكام المادتين (55) و(97) من قانون الإجراءات الجنائية، يجب رد ما تم ضبطه من الأشياء التى ذكرت فى الفقرة السابقة إلى من ضبطت لديه فور انتهاء الغرض الذى ضبطت من أجله، ما لم تكن حيازتها جريمة يعاقب عليها القانون».
- هذه المادة نقلت بالنص من المادة 42 من القانون 96 لسنة 1996.
- المفترض أن يجرم الصحفى أو الإعلامى على النشر أو العلانية، وليس على الحيازة.
- الفقرة تسمح بتفتيش مكاتب الصحفيين ومنازلهم وحقائبهم، لأنه كيف تعلم الأجهزة بحيازته أوراقًا وبيانات ومستندات ومعلومات.
- الفقرة تجرم حيازة البيانات الرسمية والمعلومات والوثائق بشكل عام.
- وظيفة الصحفى والإعلامى تقوم فى الأساس على ما تجرمه المادة: المعلومات، البيانات، الوثائق، الأوراق.
- المفترض أن تقتصر الفقرة أو المادة على نشر الوثائق المحظور نشرها فقط بحكم القانون وليس حيازتها، خاصة أن المواد المستند إليها فى قانون العقوبات تسمح بالضبط والتفتيش.
فقد نصت المادة 55 من قانون العقوبات على: لمأمورى الضبط القضائى أن يضبطوا الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أن يكون قد استعمل فى ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها أو ما وقعت عليه الجريمة وكل ما يفيد فى كشف الحقيقة.
وتعرض هذه الأشياء على المتهم، ويطلب منه إبداء ملاحظاته عليها ويعمل بذلك محضر يوقع عليه من المتهم، أو يذكر فيه امتناعه عن التوقيع.
والمادة 99 عقوبات على: «لقاضى التحقيق أن يأمر الحائز لشىء يرى ضبطه أو الاطلاع عليه بتقديمه، ويسرى حكم المادة 284 على من يخالف ذلك الأمر إلا إذا كان فى حالة من الأحوال التى يخول له القانون فيها الامتناع عن أداء الشهادة».
فصل الصحفى
من المواد التى تشكل خطورة كبيرة على استقرار أسر الصحفيين والمذيعين، المادة 15 من مشروع قانون الناصريين، حيث كتبت هذه المادة وتم تفصيلها للتخديم على رجال الأعمال، ووضع رقبة الصحفى والمذيع ومستقبل أسرته تحت حذاء مالك الجريدة والقناة، فقد منحت رجال الأعمال أصحاب القنوات والصحف والمواقع أن يفصلوا الصحفى فى ظرف ثلاثة أشهر، دون مراجعة أو حماية أو رادع، يستيقظ صباحاً، يرفع سماعة التليفون، يأمر رئيس التحرير أو مدير القناة بفصل الصحفى او المذيع فلان، أو يصدر قرارًا بإغلاق الجريدة أو القناة أو الموقع، مثلما حدث بالفعل فى جريدة «التحرير»، ويحدث فى جريدة «المصرى اليوم»: «لا يجوز فصل الصحفى أو الإعلامى من عمله إلا بعد إخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل للسعى نحو التوفيق بين الطرفين، خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ الإخطار، ولا يجوز وقف راتب الصحفى أو الإعلامى أو ملحقاته خلال مدة التوفيق»، كما هو واضح فى نص المادة، بعد أن يتخذ رجل الأعمال قراره يخطر النقابة بأنه قد فصل فلانًا، وبعد ثلاثة أشهر يرفض خلالها الوساطة، يتم تشرد الصحفى أو المذيع هو وأسرته، ما هى العقوبات التى نص عليها القانون لمعاقبة رجل الأعمال؟، ما هى الضمانات التى وضعت لحماية حقوق الصحفى والمذيع فى الاستمرار أو الحصول على حقوقه؟

الجمع والتقاعد والحزبية
لا أفهم المغزى من ذكر سن التقاعد فى مادتين، هما رقم 50 و82، فقد تناولت الأولى سن التقاعد للصحفيين والمذيعين والعاملين فى المؤسسات الصحفية والقنوات الفضائية بشكل عام، وفجأة تم تكرار المادة 50 مع تفصيل فى المادة 82 الخاصة بالصحف الحكومية، وهو ما يثير الريبة، هل سيعمل بالمادتين أم سيتم حذف المادة 50؟، وهل سن التقاعد خاصة بالحكومة فقط ام تشمل جميع الصحف؟
ومن المواد غير المفهومة كذلك المادة 51، التى أوصت بالتزام الصحف الحزبية والخاصة بضمان مشاركة الصحفيين فى الإدارة، هل هذا يعنى أن جميع المواد كانت تتناول فقط الصحف الحكومية؟، نظن أن هذه المادة تحتاج لتفسير وتوضيح.
يتبقى لنا مادة أحد الزملاء، وهى المادة رقم 99، والتى تسمح بالجمع برئاسة مجلس التحرير والإدارة، وقد تردد بعد صدورها فى مشروع الناصريين قبل تعديله، أنها فصلت لأحد الزملاء لقربه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وللحق لا نعرف مدى صحة هذه الحكايات، لكن فيما يبدو (كما قال عبدو) إنها صحيحة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف