انصر أخاك ظالما أو مظلوما.. ومظلوما لا حاجة إلي شرحها وكذلك ظالما فهي كما نعرف جميعا بمنعه عن الظلم وقد ظلمنا جميعا مجلس نقابة الصحفيين وعلينا أن نمنعه عن الاستمرار في هذا.. لقد ظلم المهنة كلها واتاح لكل من هب ودب ليتطاول علي أشرف المهن وعلي أصحاب هذه المهنة.. وهكذا رأينا من يطالب بذبحنا.. ورأينا أيضا نوعا جديدا من البشر يطلقون عليهم المواطنون الشرفاء.. ولو أن هؤلاء هم الشرفاء بئس الشرف الذي ينسبونهم إليه وبئس الحماية التي نعموا بها علي أبواب نقابتنا المحاصرة وبئس من استدعوهم وحموهم.. ومن تجاهلوا تطبيق القانون عليهم وهم المتظاهرون بلا تصريح ولكن في حماية السلطة التي تركتهم يسبوننا بألسنتهم وأيديهم لأنهم شرفاء والشرفاء تحميهم السلطة أما من غرر بهم من الصبية والشباب والصغار فخرجوا في مظاهرات احتجاجية.. مدفوعين بحب أرضهم.. حتي وان كانوا لا يعلمون الحقائق.. أو زيفت لهم.. فنيتهم.. أو الغالبية منهم.. كانت حب الوطن.. والنتيجة ان الشرفاء تظاهروا بالمخالفة للقانون وتولوا شتم وسب واهانة الصحفيين علي أبواب نقابتهم.. ومنهم أيضا من تعدي ذلك إلي صفحات الفيس بوك اللعين.. كل هؤلاء نعموا بالحماية.. بالمخالفة لكل القوانين أما الذين غرر بمعظمهم.. فالمحاكمة العاجلة طالتهم وأدت بأكثر من مائة وخمسين منهم إلي سنوات خمس سجنا.. وكل هذا تم خلال أقل من أسبوعين.. وكسبنا بفضله عداء أسر هؤلاء الضحايا.. وآلاف الأسر من أقاربهم ومئات الألوف من الشباب.. بينما عتاة الارهاب وقادة الجماعة الارهابية يرتعون في السجون لسنوات وينعمون بالاقامة الكاملة.. نوم وثلاث وجبات يوميا ورعاية طبية وحماية أمنية وبفضل هذا يبقي في السحن أمثال حبارة المعترف والمباهي أمام اقضاء بقتله لجنودنا.. يبقي في السجن منعما ولا ينفذ حكم الاعدام فيه.. انتظارا لحلقات التقاضي الطويلة التي يتفنن المحامون في اطالتها بينما الوطن يعيش المرارة ويفتقد الروح وأسر الشهداء تتجرع اليأس في ان نشهد يوما القصاص العادل.
ظلمتنا النقابة واساءت إلي المهنة كلها حين قبلت باعتصام متهمين بالتحريض علي الوطن ورئيسه وجنوده وكان واجبا علي النقيب منذ اليوم الأول لعلمه بالتهم الموجهة إليهما ومعرفته بما سطروه تحريضا واسفافا أن يطردهما فورا من النقابة.. فليس التحريض ولا السباب برأي يمكن ان تسبغ الحماية علي مقترفيه وهؤلاء ليسوا اصحاب رأي بل هما ومن علي شاكلتهما محرضين علي الوطن واستقراره داعين إلي اغتيال رئيسه وجنوده.
لقد قرأت علي مدي أكثر من أسبوعين مئات المقالات حول ما ارتكبته النقابة في حق المهنة وفي حق أعضائها بايوائها لمجرمين.. ولم أجد من يتعاطف معها في هذا الشأن وأدرك ان هذا وحده جرم يفوق أي جرم تلاه.. بل هو السبب فيما نحن فيه الآن وهو الذي اتاح للسلطة أن تفعل ما فعلت.
هذا كله ندركه الآن ولكننا أيضا علي الجانب الآخر نأمل ان يدرك الجميع ان المواءمة قد اختفت وان الحكمة قد احتجبت وان الموقف سادته الرغبة في استخدام القوة وأبراز سيطرة السلطة دون مراعاة ما كان يجب ان يراعي.
ولو ان استخدام القوة كان رشيدا.. ما لنا وقعنا فيما نحن فيه: ولو ان من بيده القوة والسلطة امتلك معهما البصيرة ما صدر إلي العالم كله صورة أخري سلبية عن مصر في يوم احتفال العالم بيوم الصحافة العالمي.. ولكن القوة الباطشة احيانا.. بل غالبا.. تغيب عنها العواقب وغالبا تقع فيما هو اسوأ مما قدرت وما لم تحسن تقديره.
والنتيجة نعيشها الآن بموقف خاطيء من طرفي الأزمة ويعاني الصحفيون الآن جميعا من ضغط مجتمعي.. يحاول الطرف الآخر أن يحكم به حصاره علي النقابة وأعضائها.. وأصبح الخروج من المأزق يتطلب معجزة.. ونحن للأسف لسنا في عصر المعجزات.
ويضاف إلي هذا هؤلاء الذين شقوا صف الصحافة والصحفيين.. وتداعوا إلي اجتماعات تزيد من الشرخ القائم.. وكان الأجدر بهم أن يتم هذا كله في اطار النقابة.. لتصحح النقابة نفسها بنفسها وتخرجنا من هذا المأزق الذي وضعت المهنة كلها فيه: ان مجلس النقابة عليه ان يعترف بالخطأ.. عليه الاعتراف بالمسئولية بشجاعة وشفافية.. أمام الجمعية العمومية.. وعلي من أوصلنا إلي هذا الموقف أن يعتذر لنا جميعاً وأن تترك الباقي للجمعية العمومية تقرر ما تراه.. نحن في موقف لا يصلح معه التمادي في الخطأ.. وعلي كل الاطراف ان تصلح ما وقعت فيه من اخطاء.. علينا أن نبلاً بأنفسنا أولا.