نصف الدنيا
خلود أبو حمص
التطوع «سيد القوم خادمهم»
التطوع هو سعادة مستمدة من إسعاد الآخرين هو شط الأمان لمحتاج هو عائلة تظلل يتيما أو عكاز يسند مسنا أو عين تنير طريقا لكفيف هو كتف بكتف عامل النظافة هو دم يَضُخ رقيا فى القلوب ويجسد الأقوال بالأفعال «لنرتقى»! هل تستذكرون أيام العمل التطوعى عندما كُنتُم فى الجامعة؟ أنا أتذكر التطوع فى أكتوبر لجنى الزيتون، وتنظيف المدارس الابتدائية فى أغسطس فبل بداية العام الدراسى. ذكريات جميلة ونشاط تطوعى جماعى ينتهى مع نهاية الدراسة الجامعية. كثير من الجامعات تفرض ساعات الخدمة المجتمعية كمؤهل للتخرج، فلماذا لا تُستكمل هذه القيمة الجميلة التى تهذب النفس وتقى من الشح وتحد من النزعة المادية؟ للأسف يقع عالمنا العربى من ضمن أدنى نسب العمل التطوعى الفردى والمؤسساتى بالعالم، ومحصور فى معظم الأحيان بالأحداث والكوارث والطوارئ. هذا هو واقع العمل التطوعى فى عالمنا العربى والذى يعبر عن غياب القناعة بأهميته لتقدم مجتمعاتنا وأهمية زرع فكرة السعادة المستمدة من إسعاد الآخرين بدون مقابل مادى. فكلنا مشغولون بمسؤولياتنا العائلية والمهنية، ومن المؤكد أن معظمنا يظن أنه بالكاد لديه وقت للقيام بواجباته اليومية فما بالك بالتطوع! العمل التطوعى ونسبة الإقبال عليه يعد رمزاً من رموز تقدم الأمم وازدهارها، فالأمة كلما ازدادت فى التقدم والرقى، ازداد انخراط مواطنيها فى أعمال التطوع الخيرى. وهنا يطرح سؤال مهم؟ ما هو أغلى ما نملك؟ أهو المال أم الوقت؟ برأيى أن الوقت هو أغلى مانملك نخصصه للأشخاص الذين نحبهم أو نرعاهم وهو أغلى من المال. ففكرة تخصيص ولو ساعة فى الأسبوع لعمل محدد بدون مقابل أمر مهم جدا وله تأثير تربوى كبير لرقى أولادنا والمجتمع المحيط. التطوع هو قناعة بأن الرقى ينبع من القلب ويتجسد بالأفعال ومن يريد سيجد ولو حتى ساعة فى الأسبوع للعمل التطوعى. والكثير منا يعتبر فكرة التبرع بالمال هى قمة التكافل المجتمعى ولكن فى الحقيقة القيمة الحقيقية تكمن فى تخصيص الوقت. دعونا نستمع سويا لسيدات يخصصن ساعتين فى نهاية كل الأسبوع لأحد أشكال التطوع وما هو الدافع لتطوعهن لكى أقدم المساعدة لمن يستحق، لكى أشعر بأننى عنصر مفيد فى المجتمع، لتجاوز الاكتئاب والشعور بالرضا الحقيقى والانتِماء، لكى أصقل ما لدى من مهارات وأحتفظ بها، لكى أحصل على خبرات أكثر، لكى أصنع صداقات، لأن لدى وقت فراغ أحب أن أستثمره فى فعل الخير، للدفاع عن فكرة ومناصرة قضية معينة، لكى أجعل لحياتى معنى، وحسب إحصائيات أمريكية بلغ عدد المتطوعين فى أمريكا 96 مليون متطوع، قدموا 20.5 بليون ساعة عمل تعادل إنتاج 9 ملايين موظف متفرغ، فأين نحن من فكر وقناعة العمل التطوعى بعيدا عن الخطابة والبلاغة اللغوية. وبدايته تربوية بحتة معتمدة علينا كآباء بتعويد أبنائنا على مفهوم السعادة المبنية على القيام بعمل إيجابى دون مقابل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف