آخر ساعة
هالة فؤاد
ضربة قلم .. دموع أمي

أكثر من عشرين سنة مرت علي رحيلها؛ ومازالت دمعتها الأخيرة عالقة في ذهني‮، ‬دمعة وحيدة فرت منها أكاد أتخيل كم جاهدت لتحبسها عن عيون أختي الصغيرة التي اختصها القدر بلحظة الفراق القاسية الصعبة‮، ‬كم كانت مؤلمة وكم كان الوداع ثقيلاً‮، ‬أثقل ما فيه تلك الدمعة الحزينة التي رحلت أمي دون أن تفصح عن سرها‮، ‬فظللت أسيرة تلك الدمعة حتي الآن‮، ‬سنوات أفكر في فك طلاسمها في مغزاها في رسالتها‮، ‬تري ماذا كانت تفكر فيه أمي عندما فرت تلك الدمعة رغما عنها، أعرف عنها القوة لم تكن تخشي الموت بيقين أن الله هو العدل الرحمن الرحيم فكيف نخشي لقاءه وهو القائل إن رحمته سبقت عذابه‮، ‬لم تحزن أمي لفراق الدنيا بل أتصورها العكس كانت فرحة مشتاقة للقاء أبي بعد فراق عامين كانت فيهما أقرب للموت منه للحياة‮، ‬فلماذا ودعتنا بتلك الدمعة الحزينة‮، ‬تزداد حيرتي‮، ‬ربما كانت قلقة علي أختي التي لم تكن تزوجت بعد، ربما، أم أن الحزن كان علينا جميعاً، أعود لكل تفاصيل حياتها علِّي أجد إجابة‮ ‬عاقلة كانت لا تنقصها الحكمة‮، ‬قوية أمام رياح عاتية لم ترحمها‮، ‬قاسية كانت حياتها‮، ‬أزمات وابتلاءات وطريق مملوء بالشوك‮، ‬عبرته بصلابة امرأة عصية علي الانكسار‮، ‬لوت ذراع الحياة وأجبرتها علي الخضوع وأرغمتها علي الابتسام‮، ‬بالطبع لم تخرج من المعركة سليمة كان الجرح عميقاً لكنه لم‮ ‬يكسر تلك النفس الشامخة كالأشجار‮، ‬فلماذا الحزن‮ ‬يا أمي عند الرحيل؟ أكاد أجزم أنه الخوف علينا من رحي حياة لا ترحم‮، ‬نواجهها عزلاً دون قلبها النابض بالحب الداعم وقت الشدة الدافع لتحقيق الهدف المهون‮ ‬لأي صعاب‮، ‬لم‮ ‬يصدق من قال إن الحزن‮ ‬يبدأ كبيراً ثم‮ ‬يبدده النسيان‮، ‬من ذاق لوعة رحيل الأم‮ ‬يوقن أن الحزن عليها‮ ‬يتضاعف مع مرور السنوات‮، ‬يزداد كلما ضاقت بنا الدنيا واشتدت ضرباتها الموجعة ولا نجد ذلك الحضن الذي نحتمي فيه من وقع اللطمات‮، ‬وقتها فقط سيدرك سر دمعة الوداع‮ ‬الحزينة‮.‬
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف