حَكَى الأستاذ لويس جريس لقطات من قصة حبّه مع العظيمة الراحلة الفنانة سناء جميل، وكيف أنهما اتفقا على الزواج وهو
يظن أنها مسلمة، بما يُوجِب عليه أن يُشهِر إسلامه طبقاً للإجراءات. ولما كان هذا واضحاً فلم يطرحه معها باعتباره مسألة بديهية ينبغى الإذعان لها. وقال إن اللبس لأنه كان من لزماتها فى الكلام أن تحلف بالنبى وبمن نبَّى النبي، مما جعله يعتبرها مسلمة، لأن اسمها يحتمل الانتماء إلى أى من الديانتين.
وأضاف، فى حواره الممتع مع الإعلامية لميس الحديدي، بأن الحقيقة تكشَّفت له عندما اقترحت عليه أن يُعجِّلا بالزواج، فأخذ يشرح لها أن إجراءات إشهار الإسلام تأخذ وقتاً، فأدركت هى المفارَقة، ولم تُصحِّح له، وطلبت منه أن يذهبا معاً إلى الصائغ بالسبعة جنيهات التى كانت فى جيبه، وهناك وبينما يكتبان اسميهما على الدبلتين عرف أن سناء جميل اسم الشهرة، وأنها قبطية من قرية فى المنيا، أى صعيدية مثله، بل جارة، لأنه من أسيوط.
كان هذا فى أوائل الستينيات، عندما كان المصريون فى أفضل حالات تدينهم، وكان شائعاً أن لا يتعرف الناس على بعضهم البعض بعقيدتهم الدينية، ولم تكن الأسماء دليلاً قاطعاً على الانتماء الديني، ولم يكن الأصدقاء، ولا الأحباء، يتطفلون على بعضهم البعض فى مدى الالتزام بتأدية الشعائر، ولم يكن السؤال «صليت على النبى النهارده؟» مطروحاً، ولم تكن المُسلِمات مضطرات إلى تبرير لماذا لا يرتدين الحجاب، وكان أبناء قرى الصعيد يقبلون الزواج من أصول مختلطة، وكانت الدوائر القريبة من الأصدقاء يباركون اختيارات أصحاب الشأن، وكان الحب قيمة عليا تجمع وتنتظم معها الأشياء الأخري، ولم تكن هناك فتاوى تُحرِّم على المسلمين أن يهنئوا الأقباط بأعيادهم، ولم يكن الأقباط مضطرين لاستئذان الكنيسة ليرتبطوا بمن يحبون، ولم يكن هؤلاء الأحباء يضعون شروطاً مسبقة عن مستقبل الأبناء وعلى أى دين ينشأون.
صحيح أنه كانت هناك فى نفس الوقت جماعة الإخوان والجمعيات السلفية، يمارسون فى أوساط أخرى تلويثهم الفكرى والدينى والنفسى والوطنى والإنساني، ولكن موقف الدولة الحاسم حَصَرَ العدوى فى حدودها، وحَجَرَ عليها أن تمتد إلى بقية المجتمع.