الوطن
حافظ أبو سعدة
العدالة للمتظاهرين سلمياً
لا شك أن الأحكام التى صدرت بحق 170 شاباً متظاهراً لاحتجاجهم على التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير بالسجن 5 سنوات لحوالى 101 متهم والحبس سنتين لآخرين، شكلت صدمة كبيرة لا سيما أن يومى التظاهر لم يشهدا أى نجاح يذكر لمسيرة لأكثر من نصف ساعة، وتم التفريق بالكامل لهذه التظاهرات والقبض على المشاركين فيها، نعم الأحكام لها احترامها ويجوز بالطبع الطعن عليها أمام محاكم الاستئناف لا سيما إذا كانت هذه الأحكام تشوبها كل عيوب الأحكام الجوهرية، مثل الفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب، لكن ما يهمنا هنا، بالإضافة إلى ذلك، هناك تطبيق خاطئ لقانون التظاهر، فالعقوبات الواردة فى هذا القانون ليس للتظاهر بدون إذن كما هو مشاع، فليس هناك عقوبة حتى فى قانون التظاهر الحالى على كل من يتظاهر بدون تصريح، فهذا حق من حقوق الإنسان لا عقاب على من يمارسه، وهو شكل من أشكال التعبير الجماعى عن الرأى، ذلك أن التعبير عن الرأى يأخذ أشكالاً متعددة، منها ما هو بالكتابة أو بالصياح أو بالحديث التليفزيونى أو الإذاعى أو عبر ملصقات أو أى شكل من أشكال النشر أو الإذاعة وفقاً لتعريف المادة 171 من قانون العقوبات.

العقوبة الأساسية فى قانون التظاهر الحالى هى لكل من دعا للتظاهر دون أن يحصل على ترخيص، بالغرامة، وعقوبة السجن، التى تصل إلى 7 سنوات هى لكل من حمل أسلحة أثناء التظاهر أو قطع الطريق أو اعتدى على ممتلكات عامة أو خاصة، وهنا يتضح أن الأحكام كلها استندت إلى نص المادة 7 من قانون التظاهر، وهو اعتبار أن التظاهرات التى تمت إما أنها قطعت الطريق أو اعتدت على الممتلكات العامة أو الخاصة، ولم تخل فى الحقيقة أى مذكرة تحريات فى قضايا التظاهر من ذكر هذه التهم بالترتيب الوارد فى النص، أى اتهام أى تظاهرة حتى ولو لم تكتمل المظاهرة وتم فضها قبل أن تبدأ.

وفقاً للمحامين الذين شاركوا فى هذه المحاكمات وقدموا مستندات وترافعوا فيها يتضح أن هذه المحاكمات افتقدت معايير المحاكمة العادلة والمنصفة، وبوجه خاص النظر فى محاكمة 101 متهم فى يوم واحد، والاستماع إلى مرافعات لأكثر من 8 ساعات، ويقدم المحامون أكثر من 65 حافظة مستندات إلا أن المحكمة تخلو إلى غرفة المداولة لمدة 10 دقائق ثم تتلو الحكم بالعقوبات المشددة، أقصى العقوبة 5 سنوات والغرامة، مما يعنى أن المحكمة لم تطلع على المستندات المقدمة، التى قد تتضمن أدلة تنسف الاتهام من أساسه.

مما يعنى أن المحكمة أخذت فقط بما ورد فى مذكرة التحريات كدليل وحيد، وهو الأمر المخالف لما جرت عليه أحكام محكمة النقض المصرية التى أكدت فى الكثير من أحكامها بطلان الأحكام التى تبنى فقط على مذكرة التحريات، ونشير إلى الحكمين الصادرين حديثاً ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها، وكان الحكم قد اتخذ من التحريات دليلاً وحيداً على ثبوت التهمة فى حق الطاعنين وإذا ما فعل، فإنه يكون فضلاً عن فساد استدلاله قاصراً فى بيانه. (الطعن رقم 22781 لسنة 84 جلسة 2015/05/09)، كانت تحريات الشرطة، كما أوردها الحكم واستدل بها جمعت بين الطاعنين -أصحاب وجه النعى- والمتَّهمَين الآخرين معهم فى إطار واحد، فلا يمكن إفراد الأولين بوضع مستقل بغير مرجح لا سند له من الحكم، ولا شاهد عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله. (الطعن رقم 15321 لسنة 85 جلسة 2016/02/03) الأمر الذى يتطلب الإفراج عن كل المحبوسين على ذمة قضايا التظاهر السلمى لتحقيق العدالة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف