المساء
نبيل فكرى
مساء الأمل .. "قلة أدب"!
ما أبعدنا عن الأمل الذي عدت أبحث عنه منذ عامين تقريبا. فأخترت مساء للأمل. يبدو بلا صباح. ولو كنت أبحث عن أمل خاص. ما اشقاني الانتظار. فكم من أمنيات تفلتت منا في رحلة المعاناة الطويلة. لكنه أمل الوطن. الذي يبدو بعيدا جدا. طالما بقي المفسدون. ينخرون في عظامنا لا كالسوس وإنما كالديناصورات.. جهارا نهارا.. بلا حياء ولا خوف. فقد أمنوا العقاب فأساءوا الأدب.
ما كل هذا الفساد.. وما كل تلك ¢البجاحة¢. وهذا التغول علي الناس. والمتاجرة بهم.. ¢الغلابة¢ يئنون جوعا وعوزا ومرضا. و¢الحرامية¢ يختالون نهبا وهدما لكل بشائر التنمية. ولن نتقدم قيد أنملة طالما بقي أولئك.. لقد بات منتهي أملنا اليوم. ان ننعم بنسبة فساد معقولة. بدلا من هذا الجحيم الذي يأكل الأخضر واليابس.
منذ أيام. كنت مع مسئول ? يؤكد الكثيرون أنه مختلف ? تحدثنا معا عن معاناته مع الفساد والمفسدين. فحكي لي حكايات غريبة وعجيبة. والمدهش أن أبطالها مازالوا في مراكزهم. فموقفهم القانوني ¢سليم¢.. الفساد ينضح من أوراقهم وتأشيراتهم ومناقصاتهم. وبالرغم من ذلك هم باقون. ولا أحد يدري كم مرروا من صفقات. وكم اعتمدوا من مناقصات.
مثلا.. المسئول. طلب عرضا للجهة العامة التي يعمل بها فأحضر له الموظف لديه ¢ممارسة¢ بسعر معين. فطلب المسئول من موظف آخر يتوسم فيه الطيبة أن يسأل عن ذات السلعة. فأحضر الأخير ¢ممارسة¢ من نفس الجهة التي أحضر منها الأول بنصف الثمن.
المسئول. حكي لي عن الزيت المستعمل لسيارات الجهات الحكومية. الذي يسرقونه. ويعيدونه بعد تدويره باعتباره زيتا جديدا. فيحرق السيارات و¢يقصف¢ عمرها الافتراضي. والمسئول أراني مناقصة لترميم منشأة حكومية. أعدها موظف لديه بتكلفة فوق ال 300 ألف جنيه. فأنجزها المسئول بمعرفته وتحت إشرافه فتكلفت 18 ألف جنيه.
كثيرة هي الحكايات.. لم يتوقف عن السرد. وأعياني الاستماع.. كل شيء أباحوه. الكهرباء والماء والهواء.. كل شيء.. ففي المدن. مازالت الحنفيات العمومية تعمل علي الورق. ورش الجناين ¢علي ودنه¢ والحمامات العامة في كل مكان. والتكلفة بعشرات الملايين. ولا أحد يدري أين تذهب ولا من يستبيحها بهذا الشكل الجنوني.
المسئول. وهو يحكي عن حكايات صغيرة لاسماك صغيرة. أكد لي أنه عاجز عن تحديد رقم لما نهبه من سبقوه أو حتي من يحاول التصدي لهم. لكنه موقن أن الرقم مفزع ومرعب. لأن السرقة تقريبا. كالساعة السكانية. لا تتوقف عن ¢الولادة¢. وربما في كل ثانية لدينا عملية فساد أو ميلاد لفاسد جديد.
لماذا التلميح.. هل أنسج حكايات من الخيال؟.. ولماذا لا أكتب؟.. وماذا إن كتبت.. فأنا أكتب منذ زمن. ويكتب الكثيرون منذ عقود.. والسارقون يسرقون.. نحن نكتب ويضحك علينا المفسدون.
** ما قبل الصباح
إلي كل فاسد: أراحنا الله منك يا عديم الدين والأدب والمروءة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف