المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. في مواجهة الحقيقة المرة
أصبح مقررا علينا خبر زيادة الأسعار كل يوم في الصحف.. ولم ينتبه أصحاب الشأن إلي أن هذا المقرر يتناقض تناقضا فاقعا مع التصريحات الرسمية التي تتحدث عن خفض الأسعار بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم ومراعاة لظروف المعيشة الصعبة التي يمر بها أغلب أبناء هذا الوطن من محدودي الدخل.. والغريب أن كل هذه الزيادات يتم إرجاع سببها إلي ارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه.. مع أن التصريحات الرسمية تؤكد علي أن سعر الدولار لن يؤثر علي الأسواق في ظل الاحتياطات والإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة التلاعب وجشع التجار.
وزارة الصحة أعلنت زيادة أسعار الدواء بنسبة 20% علي بعض الأصناف.. وقالت إن ذلك سيكون في مصلحة المرضي.. لأنه يعني توفير الدواء في السوق.. وكأنها تفرض علينا إما رفع الأسعار وإما اختفاء الأدوية.. دون أن تجهد نفسها في البحث عن سبل كفيلة بتوفير الأدوية بأسعارها التي لم يمر عليها عام منذ أن زادت آخر مرة بسبب الدولار أيضا.
وبشرتنا وزارة الكهرباء بأنه سيتم زيادة أسعار كل الشرائح للمستهلكين ابتداء من يوليو القادم.. وذلك بسبب رفع الدعم الذي كانت تقدمه الحكومة للكهرباء بشكل تدريجي طبقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 يوليو عام 2014 حتي نصل إلي رفع الدعم تماما عن الكهرباء في 2019 وهو ما يطلق عليه من باب التدليل والتجميل ¢تحرير أسعار الكهرباء¢.
ولو عرفنا أن الكهرباء مثل البنزين هي أحد مصادر الطاقة التي تدخل في كل الصناعات والمواد المنتجة.. وتتأثر بها أسعار السلع.. خاصة تلك التي تحتاج إلي تخزين وتبريد وتجميد.. أدركنا علي الفور ان أي زيادة في أسعار الكهرباء سوف تؤدي تلقائيا إلي زيادات في أسعار الكثير من السلع.. وستعطي للتجار مبررا لإشعال الأسعار بالأسواق.
وقد كان بإمكان الحكومة أن تؤجل تطبيق برنامجها الخاص برفع الدعم عن الكهرباء هذا العام بشكل استثنائي رحمة بالمواطنين الذين أرهقتهم الزيادات المفاجئة وغير المعلنة التي دخلت علي أسعار السلع - كل السلع - بعد الارتفاع الجنوني الذي شهده سعر الدولار في الشهور الأخيرة.. لكن الواضح أن الحكومة لا تنظر إلينا بعين الرحمة.. وإنما بعين المصلحة.. فما كان لها لن تتهاون فيه وما كان لنا فالأعذار تكفيه.
في عدد السبت الماضي نشرت ¢الجمهورية¢ تقريرا موسعا بعنوان ¢المستهلكون يشكون ارتفاع أسعار السلع الأساسية¢ ذكرت فيه أن أسعار السلع التموينية شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الأسابيع.. واختفي بعضها من الأسواق تماما قبل حلول شهر رمضان المعظم وذلك علي الرغم من أن المعاشات والمرتبات ثابتة.. بالإضافة إلي زيادة أسعار الكهرباء والمياه والغاز بما لا يتناسب مع محدودي ومتوسطي الدخل.
ونقل التقرير عن بعض أصحاب المحلات التجارية بوسط القاهرة أن السكر والأرز ارتفع سعر الطن إلي ما يقرب من 20% خلال شهر أو أقل.. وسعر الشاي ارتفع 40% خلال 45 يوما.. كما يوجد نقص في بعض السلع مثل أنواع الجبن والمعلبات المستوردة.. بالإضافة إلي الزيادة الملحوظة نسبيا في باقي السلع التموينية مثل الدقيق والسمن والمكرونة.. وأكد أحمد يحيي رئيس شعبة البقالة في الغرفة التجارية ان نسبة الارتفاعات في الأسعار الحالية صحيحة ومضبوطة.. وهذه الزيادات كبيرة.. ولا نعلم السبب الحقيقي لارتفاعها بهذا الشكل.. وهناك بعض المواطنين ربطوا ارتفاع سعر الدولار بزيادة أسعار السلع.. والنتيجة زيادة الأسعار من المستورد أو المنتج المحلي نتيجة لزيادة التكلفة.
والواضح الآن أن سياسات الحكومة تسببت في الارتفاع الجنوني لسعر الدولار.. وقد استطاعت أن تواجه ذلك الارتفاع بمسكنات كلامية لبعض الوقت.. ثم تركتنا نواجه الحقيقة المرة المترتبة علي ارتفاع سعر الدولار ولم تحن علينا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف