حسن المستكاوى
الأهلى فى أوروبا عام 1929
مواجهة روما إضافة للشعبية وللخبرات الفنية و120 ألف دولار
وجهات نظر فى اقوى دورى بالعالم ..وتحليل المباريات ..واقالة 35 مدربا فى موسم ..والسحر فى كرة القدم
لاشك أن مواجهة فريق روما الإيطالى اليوم باستاد هزاع بن زايد فى الإمارات ، تمثل إضافة جيدة لشعبية الأهلى ولحصيلته الفنية من تجاربه المتنوعة، فكل إحتكاك هو إضافة لخبرة .بالإضافة إلى العائد المادى حيث يحصل الفريق على 120 ألف دولار مقابل أداء تلك المباراة الودية، وإذا كان روما يغيب عنه ثلاثة من لاعبيه الدوليين ، فإنه يظل فريقا غنيا بمواهبه. فمنذ زمن اتجهت الأندية الكبرى فى العالم إلى خارج حدودها المحلية لتسويق منتجها، أى اسمها وفريقها ، بما يعود عليها من عوائد مادية وفنية وجماهيرية ، حتى إن فرقا إنجليزية وألمانية باتت تلعب فى الشرق الأقصى وأمريكا الشمالية صيفا فى رحلات سنوية لتحقيق هذا الهدف، بجانب تأسيس مواقعها بلغات مختلفة ، ومنها الصينية والعربية، وكان نادى تشيلسى أعلن قبل سنوات عن إطلاق موقعه باللغة الصينية، وأن هدفه الفوز بعشرين مليون مشجع فى الصين .. ولعب الأهلى على مدى تاريخه مع العديد من الفرق الأوروبية والأجنبية ، ومنها بنفيكا ومونشين جلادباخ وريال مدريد، وروما ، وبرشلونة.. وقد كانت كرة القدم تحديدا مصدر صناعة شعبية الأهلى العريضة على مدى تاريخه .. وأنقل هنا بالنص ، ما جاء فى تقرير الجمعية العمومية التى عقدت يوم 19 يناير عام 1916 عن كرة القدم، وكيف كانت إدارة النادى تنظر إلى هذه اللعبة، حيث جاء فى التقرير: «كرة القدم هى من أهم الألعاب الموجودة بالنادي، وأكثرها انتشارًا بين أعضائه فى عهد تأسيسه إلى الأن ، لذلك كانت فرقة كرة القدم بالنادي، من أقوى الفرق الموجودة بالقطر المصري، ويشهد بذلك نتيجة المسابقات التى أجراها النادى فى العام الماضي، فإنه تبارى ثمانى وعشرين مرة، منها خمس عشرة مع المدارس على اختلاف أنواعها، و13 مرة مع الفرق الإنجليزية ، فأسفرت نتيجة مبارياته عن فوزه 83 شوطًا. وعن انخذاله (هزيمته) 20، وكانت أهم مباراة حصلت فى العام الماضى وتكلمت عنها الجرائد الإنجليزية، مباراة النادى مع فرقة منشستر السادسة التى هى من أقوى الفرق فى لعب كرة القدم، تبارى النادى مع هذه الفرقة ثلاث مرات فانخذل فى المرة الأولى لأنه لم يكن يعلم بقوة تلك الفرقة ، حتى يعد لمباراتها أقوى أفراده، وتساوى معها فى المرة الثانية «ويذكر أن الأهلى هو أول فريق مصرى يزور أوروبا ويلعب مباريات ودية هناك، وقد بدأ زيارته يوم 17 يوليو 1929 وعاد فى 6 سبتمبر من نفس العام، وعلى مدى 52 يوما، لعب الفريق فى تركيا ضد فنار بقجه (فنار بخشة) وفاز 6/2 ، وضد غلطة سراى وخسر صفر/1، وضد منتخب تركيا وخسر 1/2، وفى ألمانيا تعادل 2/2 مع ليبزج ، وفاز 4/3 على «1860 ميونيخ» وتعادل 2/2 مع تنس بروسيا ببرلين، ثم خسر 3/5 مع نفس الفريق، وتعادل 3/3 مع جلسنكرش ، وفى بلغاريا تعادل 1/1 مع ليفسكى . وخسر 1/4 أمام سلافيا. وكانت بعثة الأهلى مكونة من رياض شوقى وعبد الحميد حمدي، وأحمد رفعت، محمد على رسمي، ورزق الله حسنين، وعلى الحسيني، وأحمد سليمان ، ويوسف الشريعي، وممدوح مختار وأمين شعير، وتوفيق عبد الله، ومحمود مختار، وجميل الزبير، وجميل عثمان، وفؤاد صدقى ومختار أمين. واستعان الأهلى بلاعبين من خارج النادى فى هذه الرحلة، وهم جابر السوري، وسيد حودة، ومحمود حودة، وكانوا من نجوم الإسكندرية وفريق الاتحاد الإسكندرى فى ذلك الوقت، الذى كان من أقوى فرق مصر فى فترة العشرينات.. وهذا كله تاريخ موثق فى محاضر مجلس إدارة النادى ..
وجهات نظر
( 1)
شهد الأسبوع الأخير من الدورى الإسبانى سباقا مثيرا بين برشلونة وريال مدريد .وانتهى السباق بفوز برشلونة باللقب للمرة السادسة خلال 8 سنوات، واعتبرت صحف عالمية هذا السباق الذى استمر حتى الإسبوع الأخير دليلا على قوة الدورى الإسباني، وأنه الأقوى والأفضل فى العالم .. ودون شك حققت الكرة الإسبانية نجاحات كبيرة فى السنوات الأخيرة ، فالريال وبرشلونة هما الأغنى فى العالم، ويضمان أشهر النجوم ، وفى مقدمتهم ميسى ورونالدو كما أن الأندية الإسبانية تفوقت على مستوى البطولات الأوروبية .. وفى آخر ثلاث سنوات فاز ريال مدريد، ثم برشلونة، ثم هاهو اللقب الثالث على التوالى بين ريال مدريد وأتلتيكو مدريد. كما دخل أشبيليه دائرة القمة الأوروبية بالدورى الأوروبى .. وساهم أنتشار الأكاديميات فى زيادة أعداد المواهب وأصحاب المهارات بمختلف الأندية .. كما دخلت سباق القمة المحلى فرق جديدة مثل أتلتيكو وأشبيليه ، وأتلتيكو بلباو، وفالنسيا، وهى أندية لاتفوز غالبا بالالقاب لكنها تنازع الفريقين الكبيرين برشلونة وريال مدريد على تلك البطولات.. مع ذلك يظل الدورى الإنجليزى أكثر قوة من نظيره الإسبانى . ففى إنجلترا تختلف فلسفة كل الفرق عند المواجهة. كلهم يلعبون للفوز بغض النظر عن قوة وضعف المنافس، والكرة تلعب بشكل هجومي، بعيدا عن التكتيكات الدفاعية باستثناء تشيلسى تحت قيادة مورينيو، بينما يعد ليستر سيتى بما قدمه من تكتيك معبرا عن فلسفة الهجوم المضاد، وهو أحد أشكال الهجوم.. ولأن الدورى الإنجليزى أقوى من نظيره الإسباني، فإن ناتج تسويقه وبيعه تليفزيونيا فى الفترة من 2016 إلى 2019 وصل إلى 7مليارات و200 مليون دولار بينما لم يتجاوز بيع الدورى الإسبانى أو الألمانى مليار دولار، وهو فارق كبير يعكس قيمة المنتج الإنجليزى الحقيقية.. إن ريال مدريد وبرشلونة هما الأقوى والأغني. لكن الدوريات تباع كمنتج كامل وشامل، وبعدد المباريات الممتعة، وبعدد الفرق التى تقدم تلك المتعة.. وهذا هو الدورى الإنجليزى !
( 2 )
بعد فوز ليستر سيتى بالبريمير ليج أشارت تحليلات إلى أن هذا النجاح يعد أكبر دليل على أن المال لايصنع البطولات، وهو تحليل قاصر للغاية. لأن المال يصنع بطولات باستمرار، بمعنى أنه يجلب أفضل النجوم وأفضل المدربين وأفضل وسائل الإعداد، وهذا يترجم فى النهاية إلى بطولات وألقاب بدليل أن معظم الفرق التى تتفوق فى مختلف أرجاء المعمورة هى من الفرق الغنية، وحتى فى الصين وماليزيا وتايلاند واليابان ، فمع الاإنتعاش الاقتصادى ودخول شركات كبرى مجال الإستثمار فى كرة القدم توجت أندية جديدة ببطولات آسيا التى كانت تتنافس عليها أندية سعودية وإيرانية وإماراتية .. إن فوز ليستر بالدورى الإنجليزى تحقق بإختيار المدرب لأسلوب لعب خاص، وامتلاكه للاعبين يطبقون هذا الأسلوب ببراعة.. فلم يفز ليستر لأنه فقير، وقد يفوز فى مرات قادمة وهو غنى !
(3 )
عند تحليل المباريات من المهم أن يرى المحلل الفريق الآخر وليس فريقا واحدا، وعلى سبيل المثال تكررت القصة للمرة الألف بالسؤال: لماذا خسر الأهلى أمام وادى دجلة وكيف أنه كان سيئا للغاية (وهو لم يكن سيئا للغاية لكن النتيجة جعلته كذلك) بينما لم يشرح محلل على وجه الدقة كيف لعب وادى دجلة ؟ نقطة واحدة أشير إليها، وهى أن المدرب الفرنسى كارتيرون أبطل مفعول رمضان صبحى حين أشرك مصطفى طلعت فى مركز الظهير الأيمن كى يضع أمام القوة والسرعة التى يملكها صبحى قوة وسرعة يملكها طلعت ..
(4 )
حتى كتابة هذا المقال كان قد تم تغيير 35 مدربا لفرق الدورى هذا الموسم وهو رقم كبير، ويتقدم غزل المحلة القائمة بتسعة مدربين .. فهل هذا التغيير هو شماعة جديدة تعلق عليها أوجه قصور إدارية أو مالية أم أن هذا التغيير دليل عدم اختيار دقيق للمدرب المناسب للفريق المناسب ؟ العدد مبالغ فيه ويمثل ظاهرة كونية فى لعبة كرة القدم ..
( 5)
أحاديث السحر فى كرة القدم طلت علينا من جديد .. وصحيح أن السحر مسجل فى الكتب السماوية، وهو موجود فى القرأن، لكن الديانات لم تقل إن السحر يحقق الانتصارات، أو أن ذبح العجول يضمن لك فك النحس إن كنت منحوسا ، ويحقق لك الفوز إن كنت مهزوما، وسبق أن تساءلت : كم عجلا ذبح ميسى ؟! كيف ترسخون تلك المفاهيم فى أذهان ملايين الشباب الذين يقتربون من حد اليأس من سلوك وتصرفات جيل ..؟! فى الخمسينيات والستينيات كانت الفرق الإفريقية تلعب كرة القدم بفطرة وبدائية، واشتهرت بكرة قبائل « البانتو « العنيفة حيث اللعب على الأجساد والضلوع والسيقان ثم تغيرت كرة القدم فى إفريقيا، وتغيرت بطولاتها وأنديتها.. تغير هذا كله ..فى نصف قرن، وتطورت اللعبة وأصبحت المباريات والبطولات مهرجانات واحتفاليات، إلا أن الكرة الإفريقية لم تنفض بعد عن نفسها غبار السحر والشعوذة بالكامل .. فهذا الإعتقاد القديم بقدرة القوى الخفية على مساندة الفريق وحمايته وصيانته وقد عرفت الأندية المصرية وعرف اللاعبون المصريون أشكال السحر وشاهدوا مايروعهم ومايذهلهم.. شاهدوا ذبح الخنازير ونثر ونشر الدماء فوق النجيل، وشاهدوا طقوس لاعبى القارة قبل المباريات وكيف يصطفون كأنهم يؤدون صلوات .. شاهدوا المياه الغريبة التى تلقى على أبواب الغرف، والدمى التى تغمس فيها الدبابيس .. وكانت مجلة «أونز الفرنسية» نشرت منذ 30 عاما تقريرا مطولا عن أعمال السحر فى كرة القدم الإفريقية، وأشارت إلى الفودو (Voodoo) المنتشر فى غرب القارة .. والفودو مذهب دينى يمارس أيضا فى أجزاء من منطقة الكاريبى خاصة فى هايتى وأجزاء من جنوب الولايات المتحدة. وفقا لمعتقد سائد فإن أتباع الفودو يمكن أن يغرسوا دبابيس فى دمى تمثل أعداءهم على أمل أن تصيبهم اللعنة.. !
لكن هل الأمر كله هو السحر أم أن الأجهزة الفنية فى فرق كرة القدم تستعين بأصحاب البركات الذين ينشرون البركة فوق رءوس اللاعبين؟ الأهم من هذا السؤال هو أن الفرق المصرية والتونسية تفوقت على الفرق الإفريقية فى رصيد بطولات الأندية دون سحر أو فودو .. والله أعلم !