الوطن
أمانى هولة
ضد قوانين الطبيعة.. حكايات وطن (69)
للطبيعة قوانين صارمة منذ البداية.. منها ما استطاع الإنسان ترويضه جزئياً ومنها ما لا يزال يمثل تحدياً كبيراً. المسافة إحدى تلك التحديات، وقد استطاع الإنسان الانتصار عليها إلى درجة كبيرة بدءاً من المخترع العالم الأمازيغى العظيم عباس بن فرناس الذى ضحى بحياته ليخطو العالم أول خطوه للتحليق نحو السماء حتى وصلنا إلى قطع المعمورة كلها فى بعض يوم. المادة هى تحد آخر استطاع الإنسان اقتحامه عبر الأثير بأن يوصل صوته وصورته وأحداثاً يعيشها أو يقترفها فى أغلب الأحوال إلى الآخر بأقصى بقاع الأرض فى نفس اللحظة.. لتصبح لكل منا بنورته المسحورة كتلك التى كانت تبهرنا فى حكايات جدتى وقد أصبحت واقعاً نمارسه بلا اكتراث يومياً.

ويظل الزمن هو التحدى الأكبر الذى تصعب هزيمته.. حتى نظرية النسبية لأينشتين وقد أدركت جزءاً من سره، لكنها لم تقدم حلولاً.

أفقت من تأملاتى وأنا أتابع، كما يتابع المصريون، ما يتم إنجازه على أرض الكنانة يوماً بعد يوم، وبعيوننا أمل يخشى التفاؤل وقد اعتدنا فى ميراثنا العطن من العهد البائد على حفلات وضع حجر الأساس ودفع إنفاقات سفيهة ومآدب وبدلات وشهادات ومكافآت وتصفيق وتزاحم فلاشات الكاميرات ثم.. نتائج متواضعة لا ترقى لطموحات شعب يحتاج أن يثب إلى الأمام بعد أن تأخر كثيراً عن ركب الحضارة.

ولأن قائمة خيبة الأمل طويلة، وما تم اقترافه فى حق مصر كثير، كان التحدى الأكبر للزمن.. فمن يدقق النظر للكواليس يرى وجوهاً متجهمة، تعمل فى صمت، بمتابعة دقيقة من عصا المايسترو الذى كنا فى حاجة إليه. ألمح المهندس العظيم هانى عازر وقد ترك كل شىء وجاء لأم الدنيا يقدم فروض الولاء والطاعة وشبكة طرق قومية على أعلى مستوى.. ألمح رئيس الهيئة الهندسية اللواء أركان حرب كامل الوزير الذى يكتفى بالنوم أثناء الانتقال من مشروع لآخر من جنوبها لشمالها ومعه جنود مجهولون كثيرون، فلا يهم الأسماء، مصر هى الأهم، لأتأمل كيف استطاعوا هزيمة الزمن.. هل سمعت من قبل عن افتتاح مشاريع بالـconference call.. أو الاجتماع عبر الأثير؟

لقد فعلها الرجال..

واستيقظت مصر أخيراً.. كل يوم افتتاح مشاريع أنشئت بالفعل ودخلت فى طور التفعيل للخدمة.. بدءاً من البنية التحتية المهترئة، كهرباء، طرق، إسكان، توفير الاحتياجات الأساسية الخبز والغاز والسولار والبنزين، وصولاً لمشاريع تنموية وإنتاجية.. زراعة، ثروة سمكية، صناعة وطنية، انتهاء بتسليح الجيش والقضاء على شوكة الإرهاب.. واستعادة قنوات التواصل الدولية.. حتى أصبحت مصر قبلة لزعماء العالم وقادته.. وبتنا كل يوم على حلم.. لنستيقظ على حقيقة.

مشاريع يصعب حصرها فى آن واحد يتم العمل فيها بهارمونى رائع لأجمل موسيقى.. إنه لحن الحضارة، وهو يعزف ضد قوانين الطبيعة ويسابق الزمن.

لأقترح وأعرف أن معى الكثيرين توفيراً للعمالة وتكاليفها المبالغ فيها أحياناً وتحقيقاً لسرعة أكبر فى الإنجاز، لماذا لا يتم إعادة تجنيد كل ما تحتاجه تلك المشاريع من عمالة بكل درجاتها المهنية والفنية كل حسب تخصصة ومهاراته ولو بنظام تدريبى لفترة مناسبة قبل تشغيله من الذين تم تأجيل تجنيدهم والمتفرغين للمقاهى ولعن النظام والمنجرفين بحماقة وعبارات رنانة يضحك بها عليهم متآمرو الخارج والداخل بالمطالبة بجزء من الجرف القارى لقارة آسيا الممتد تحت مياه خليج العقبة. وطبعاً لأنهم لم يذاكروا جغرافيا أو جيولجيا إلا ليلة الامتحان فهم لا يعرفون ما هو الجرف القارى وأن تيران وصنافير امتداد لليابس الآسيوى تحت خليج العقبة، مما يستحيل معه الملاحة بينهما لذلك كان الممر الملاحى بين ساحل سيناء وتيران هو الوحيد الصالح للملاحة.. «أما لو بيحسبوها بالشبر» فمن غير المنطقى وضع الجزيرتين فى نفس الجعبة، حيث صنافير أقرب كثيراً للساحل الآسيوى.

وكذلك المنهمكون فى الصراخ والولولة على المختفيين قسرياً لنكتشف أن بعضهم موجود مع تنظيم داعش فى سيناء ويقوم بقتل جنود بلده بينما يقوم الجهلاء أو العملاء باتهام الداخلية بإخفائه (وكأن المشرحة ناقصة قتلى) هذا لا يمنع اعتراضى الشديد على أى حالات اختفاء قسرى بواسطة الجهات الأمنية وأرجو أن يكون ذلك العهد قد انتهى، لتستعيد البهية أجمل حللها ولتقوم كعادتها بكتابة صفحة جديدة فى التاريخ.. .وأبناؤها المخلصون خير أجناد الأرض يحطمون خطط كل جيوش الظلام، وقد أتحدث على هدف واحد.. لكن.. (والله متم نوره ولو كره الكافرون).
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف