الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. رمضان أحلى.. مع كتاب
كنا - زمان - نرى أن رمضان هو شهر القراءة.. وكانت دور النشر تستعد لهذا الشهر الكريم بطرح الجديد من الكتب.. وأيضا إخراج الكتب القديمة من مخازنها.. حتى سور الأزبكية كان يشهد رواجًا كبيرًا.
حقيقة كانت الكتب الدينية تحتل المقدمة فى التوزيع، من كتب التفسير والسير الشعبية والتاريخ الإسلامى البعيد والوسيط.. ثم كانت تجئ بعدها الكتب الترويحية والثقافية والأدبية.. وكان ذلك يأتى مصاحبًا للشهر الكريم من اعتكاف فى المساجد، ومن سمو السلوكيات والأخلاق الحميدة.
<< الآن.. هل ضعف الإقبال على القراءة، وبالذات على الكتب.. أم طغى إعلام الانترنت - وجوجل - على إعلام الكتب ودوائر المعارف وأيضا تلك الروائع التى عرفها الأدب العالمى - والعربى.. وهل تتعادل ثقافة الإنترنت.. مع ثقافة الكتب الخالدة التى صنعت التاريخ الإسلامى وكيف أن بعضها حصل مؤلفوها - ومترجموها عن أصولها الأولى - على وزنها ذهبًا.. من الحكام الذين كانوا يشجعون على التأليف والترجمة.
<< وما هو مصير أمهات الكتب التى عرفتها الأجيال السابقة.. من مقدمة ابن خلدون إلى ألف ليلة وليلة - خصوصًا طبعاتها الأولى - عن مطبعة بولاق.. أو مطبعة البابى الحلبى.. والسير الكبرى من عنترة بن شداد إلى سيف بن ذى يزن، إلى الظاهر بيبرس وأبوزيد الهلالى سلامة.. والزناتى خليفة.. فضلا عن سيرة رسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. وكانت كلها وغيرها هى زينة المكتبات وكانت تروى فى المقاهى القديمة على لسان الرواة العظام. وكانت هى أساس علم الرواة الكبار، حتى قبل ظهور الراديو وانتشاره فى مصر.
<< الآن دخلنا عصر ثقافة الانترنت.. ولا أصدق أن دائرة المعارف البريطانية - وهى الأقدم - وتوءمها دائرة المعارف الأمريكية، بكل أجزائها وحجمها الكبير موجودة الآن على أسطوانة ممغنطة وزنها 10 جرامات، وأقل.. وما علينا الآن إلا أن نديرها لنعرف ما نريد.. أين هذا من لون وطعم ورائحة وقيمة الكلمة المطبوعة التى كنا نستخدمها ونستمتع بها، فى الزمن الماضى.
أنا نفسى لن استغنى عن الكتاب المطبوع.. لأن ذاكرتى لاقطة بالرؤية.. ولا تنسى كلمة مكتوبة، مطبوعة فى كتاب، حتى ولو كان أصفر اللون!! ويا روعة الكتب القديمة، صفراء الأوراق.. بالذات التى طبعتها مطبعة بولاق القديمة!!
<< حقيقة الآن المعلومات سهلة من خلال الانترنت.. ولكن هل تبقى تحت بصر الباحث أو القارئ.. وهل تترك أثرها.. كما كنا نجده فى الكتاب الورقى.
هنا أتذكر فيلم فهرنهيت الشهير الذى لجأت الحكومة فيه إلى إحراق كل الكتب.. فما كان من المثقفين إلا أن اختاروا من يحسن حفظ الكتب.. وعاش هؤلاء تحت الأرض ليحفظوا أمهات الكتب العالمية فهذا «الإنسان» يحفظ مؤلفات أرسطو أو أفلاطون.. وهذا هو شيكسبير الذى يحفظ روائع شيكسبير الشهير.. وهكذا.
<< ترى هل نجد من بيننا الآن من يحفظ أمهات الأدب العالمى والعربى لنحافظ عليها - فى صدور الحفّاظ - ونفعل ذلك لنواجه كارثة ثقافة الانترنت والفيسبوك.. ماذا يرى كبار الناشرين.. ورحم الله زمنا كانت الطبعة الواحدة تخرج للناس عشرات الألوف من النسخ.. الآن لا تتعدى نسخ أفضل الكتب ثلاثة آلاف نسخة.. ورغم ذلك تظل الكلمة المطبوعة عندى هي الأساس!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف