الوطن
نائل السودة
القوى الثلاث
تنقسم القوى السياسية فى مصر طبقاً لهدف واحد رئيسى إلى ثلاث قوى وتيارات رئيسية وهى:

1- قوى الثبات أو التثبيت: وهى تلك التى تقبل الوضع على ما هو عليه وترى أن التغيير يقلقها وليس من مصلحتها ولا من مصلحة البلاد، هدفهم الرئيسى هو ثبات الأوضاع وطاعة الحاكم أياً كان وعدم الخوض فى تغييرات حادة وصراع.

عملهم يقتصر على إصلاحات محدودة فى التفاصيل لا فى الخط العام الذى يحفظ الواقع ويجمده ولا يسحب من ثلاجته إلا عند الأزمة والاحتياج الشديد لكى يستمر الواقع كما هو بنظامه وترتيبه المستقر، وبالتالى فإن فكرة العدالة والمساواة لدى هذه القوة تعتمد على هذا التخطيط، وتصير الحريات خطراً عليه لأنها ستواجه هذا التطبيق والترتيب وتطلب إعادة التوزيع والعدالة.

وتضم هذه القوة: مؤسسات الدولة بالإضافة فلول مبارك والطبقة المالية التى تكونت ثرواتها من خلال قوانينه ومنحه وفساده، كما تضم قوة التثبيت الأحزاب القديمة التى اعتمدها مبارك رسمياً كمعارضة له وانتفعت قياداتها منه وتعاونت معه ومنعت عنه الكثير من غضب أعضاء هذه الأحزاب وغضب الشارع، وتضم كذلك جمهوراً يشعر بالقلق من التغييرات الحادة ويقبل الأوضاع على ما هى عليه حتى لو كان يعانى صعوبة أو شظفاً فى العيش أو ظلماً اجتماعياً، مثل الحرمان من العمل إلا بالواسطة أو الرشوة، فضلاً عن المنع من التوظف فى المؤسسات المحظية المميزة. مثل هؤلاء القابلين الراضين ينتقلون أتوماتيكياً مع أى أحد يلى أمر البلاد، رأيتهم يؤيدون مبارك ويطلبون بقاءه ويبكون ثم خرجوا يهللون لسقوطه ليعود الاستقرار وتنتهى الثورة ثم خرجوا يهللون للمجلس العسكرى ويطلبون بقاءه، ثم لمرسى ثم للسيسى من بعده، ومن ثم فهؤلاء جمهور المنتصر الراكب أياً كان وليسوا جمهوراً فى الصراع.

2- قوى التيارات الدين - سياسى: كالإخوان والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد وجماعات السلفيين وغيرهم، وكل هؤلاء يشكلون قوة وتياراً عاماً هدفه الرئيسى إقامة دولة إسلامية تعتمد الدين والتاريخ هدفاً ومرجعاً لشئون الدنيا والحاضر، وهى لا تلتمس الواقع الحاضر إلا كوسيلة تحقق به التاريخ القديم والمجد القديم، ولا تلتمس المستقبل إلا للاستعداد للآخرة، وعليه فكل ما سيوافق هذا الماضى وكل ما يتفق مع فهمهم الخاص للدين قابل للتطبيق، يختلفون فى تفصيلات كما تختلف كل من القوتين فى تفصيلات فى داخلهما، ولكنهم كغيرهم فى سبيل تحقيق الهدف الأعلى يتعاونون ويتساندون فى مواجهة الجماعتين الأخريين ويتغاضون عن الأهداف الفرعية مؤقتاً.

وبالتالى ففكرة العدالة والمساواة مرتبطة بعقيدتهم التى يعتقدون أنها تضعهم فى مرتبة أعلى من غيرهم من الأديان الأخرى بل ومن نفس دينهم، ونذكر هنا أن مرسى أعلن أنه يصحو لصلاة الفجر وعيّر معارضيه أنهم لا يصحون لها! وربما اعتمدوا على (الأقربون أولى بالمعروف)، وعلى ذلك فالمواطنون ليسوا سواء إلا من حيث إظهارهم الشعائر والطقوس كما يؤدونها هم إن حكموا، وليست المرأة كالرجل بالقطع، وإن ادعوا غير ذلك، كتاباتهم وتاريخهم وحكمهم عاماً يؤكد دعوانا، ولذلك فأى حرية تكون للآخرين فى ظلهم إن كانوا ينطلقون من نص أو من تفسير دينى يعطونه سمة المطلق! أى حرية وقد مُنعت المساواة على أساس الكفاءة والمواطنة!

3- قوى التغيير: وهم الذين يهدفون ويسعون لإقامة دولة على النمط الحديث ودعامتها الرئيسية هى الحرية والعدالة والمساواة كما هى مقررة دولياً، الأمر الذى يناقض القوتين الأولى والثانية.

كيف نحل ذلك؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف