الغلاء يصب في مصالحة المواطن تخيل!.. قالها من قبل وزير الزراعة الأسبق، عندما قررت الحكومة التي كان يعمل مندوبا عنها أو بالأكثر سكرتير لها، رفع أسعار الأسمدة بما يعادل 30 % تقريبا.. لا فائدة مطلقا لمخاطبة حكومة تتفنن في إفقار الناس، وتسعى لإشعال الوطن حقدا وبؤسا وكوارث يعلم الله أين سيصل مداها، لكن الأسوأ دوما هو تفنن السادة المبررين بالفطرة ليدافعوا عن كل قرار حكومى ردىء ومخرب وظالم للوطن، ومن يعيش داخله من أفراد نزعت عنهم صفة المواطنة منذ عقود عندما حل التمييز كمعيار أوحد للمصريين !
ومن إبداعات النفاق لدى هؤلاء أن وجود السلعة سيصبح متاحا طالما أصبحت غالية الثمن، إذن أصحبت الدولة تمارس علينا الاحتكار الخدمى والتجارى كأى رجل أعمال جشع لا يخشى الله ولا أي شىء، وبالفعل تم رفع أسعار الأسمدة منذ نحو سنة ونصف تقريبا، وتضاعفت أسعار الخضراوات التي كانت تستر وجود الغلابة في هذا الوطن المنكوب بكثير من مسئوليه ومنافقيه ومبررى السوء.
والان يحدث نفس الشىء ولكن في سلعة لا تستطيع الاستغناء عنها مطلقا، فحتى وإن استغنى الفقراء والمطحونون عن أنواع كثيرة من الغذاء وعاشوا على الدنى في كل شىء، فإنهم لن يستطيعوا الاستغناء عن الدواء في صورته الدنيا وفى فاعليته الأقل، فالأدوية المصرية ذات الفاعلية البسيطة زادت بنسبة 20 % على الورق كما أعلنت حكومة الإنجازات، ولكنها في الحقيقة وصلت لأكثر من ذلك بكثير..رضينا بالهم وبالفقر وبالمرض، ولكن المرض نفسه لا يرضى بنا ولايرضى المسئولون إلا نهاية سريعة لحياة الفقراء، فتلك الأدوية قليلة الفاعلية والتي كانت تعمل بفضل من الله ورحمة منه للغلابة الذين لا يستطيعون شراء الدواء المستورد أو الاستثمارى الذي ينفق مستوردوه وصانعوه على الراقصات والمطربين أكثر مما ينفقه كافة فقراء مصر على صحتهم !
ماذا يفعل المصرى الفقير من غير ذوى الثروة والنفوذ في هذا البلد..إن كانت كل سلعة قد ارتفعت بنسبة معلنة لا تقل عن 20 % ! هل يتسول.. لن يجد حتى من يتسول منه، فالأغلبية فقيرة وتعيش على الكفاف!
هل يتجه لعمل إضافي هو بالطبع يعمل به ليسد رمقه، فمن أين له بوقت إضافي في يومه.. هل يخترع يوما من 40 ساعة مثلا ! ماذا يفعل وقد زاد كل شىء وارتفع بينما قل مرتبه فعليا نتيجة لتحكم الدولار في الجنيه الذي يتمرمط به شهريا أو أسبوعيا أو يوميا، ماذا يفعل المصرى عندما يجد حكومته ترفع دعم الكهرباء والماء والغاز عنه بنسب فلكية تجعله يخشى على نفسه من إضاءة مصباح أو تشغيل مروحة في لهيب مصر الحالى؟
هل عليه أن يغنى للإنجازات التي يسمع عنها، بينما دخله من راتبه أو وظيفته ثابت شكلا ومتناقص موضوعا وواقعا! هل عليه أن يخرص تماما أو ينتظر منحه ثلاث جنيهات أو حتى سبعة على بطاقة شبه التموين في رمضان، بينما غيره يتحصل على بدلات ومنح وحوافز بالملايين والآلاف شهريا..أم ينتظر السادة المبررون بالفطرة من الفاسدين واللصوص ليقنعوه بان الله خلق الناس درجات وطبقات، والحكومة متدينة للغاية وتنفذ إرادة الله..لمن نشكوا إذن إن كانت الحكومة لا تسمع والتظاهر نهايته السجن والسكوت نهايته الموت قهرا !