المساء
محمد جبريل
من المحرر- تحديات ثقافية
لم يكن اسم مجلة "تحديات ثقافية" للشاعر المسرحي الكبير مهدي بندق يخلو من دلالة التحدي والمقاومة. والسعي لتغيير الساكن حرصت المجلة ـ في توالي أعدادها ـ أن تناقش القضايا الثقافية المثارة. أو المسكوت عنها. من خلال خط فكري مغاير ـ في أحيان كثيرة ـ للأفكار المطروحة بتعدد اتجاهاتها.
عدا "أدب ونقد" فإن "تحديات ثقافية" حرصت علي مجاوزة منهج السكلانس الذي كان سمة لمجلات هيئة الكتاب. كانت مجلات الهيئة ـ قبل أن يطرأ عليها ما نثني عليه ـ بالإضافة إلي مجلات الهيئات الأخري التابعة لوزارة الثقافة. تلملم ما يقدمه لها الكتاب. تختار ما تراه صالحاً للنشر. لا تضع لنفسها منهجاً ولا خطاً فكرياً تلزم نفسها به. وتحفز كتابها للتحرك في إطاره. سواء بالمناصرة أو الرفض.
تحديات ثقافية اختارت التقدم منهجاً. وهدفاً تتجه إليه موادها. من خلال المزاوجة بين التراث والمعاصرة. وتقديم الكتابات التي تعبر عن أحدث إبداعات هذا العصر. ومجاوزة التخلف والغيبيات العقيمة والافكار الساذجة.
لم يكن مهدي بندق ينتظر ما يبعث به الكتاب. إنما كان يتصل بالمبدعين والمفكرين الذين يجد في كتاباتهم ملامسة لوجهات النظر في مجلته. أو أنها تخالفها في حدود الموضوعية. تحولت المجلة إلي ساحة للابداع الجميل. والفكر المستنير. والدراسات التي تضيف إلي بيئتنا الثقافية. ولا تنقص منها.
اختفت التحديات الثقافية منذ أشهر بعيدة. دون أن تنفض البلادة رأسها. وتسأل عن أسباب اختفاء ذلك المعلم المهم الذي مارس في حياتنا الثقافية دوراً فاعلاً يصعب إغفاله.
حتي مهدي بندق لم نعد نسمع له حساً. شملت إسهاماته القصيدة والمسرح الشعري والنقد والمشاركة في المؤتمرات والمهرجانات. ورغم ابتعادي القهري عن الاتصال المباشر بالحياة الثقافية. فإن غياب مهدي بندق هو غياب لملمح مهم. أو ظاهرة إبداعية وفكرية رائعة.
سألت أصدقاء عن الظروف التي أبعدت مهدي بندق عن قرائه وتلاميذه ومحبيه. تباينت الأجوبة. قيل إنه أوقف تحديات ثقافية بعد أن ترك فاروق حسني وزارة الثقافة. فلم تعد تجد مورداً يتيح لها الاستمرار. وقيل إنه تأثر للغاية برحيل السيدة الفاضلة زوجته. وقيل إنه وجد في المواقع الإلكترونية متنفسا لإبداعاته وأفكاره وقيل كلام كثير.
المهم أن مهدي بندق قيمة ثقافية. ودوره الغائب في حياتنا الثقافية ما بين مهرجانات ومؤتمرات وندوات وكتب ومسرحيات شعرية ودوريات مطبوعة.. ذلك الدور يجب أن يعود بالمكانة نفسها التي كانت له في قلوبنا.
عزيزي مهدي بندق. نحن نفتقدك
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف