المساء
محى السمرى
ناس وناس .. ويبقي السر معلقا
مرة.. سألت أحد قادة الطائرات.. أيهما أفضل بالنسبة لك.. هل قيادة السيارة أو قيادة الطائرة.. قال: بالتأكيد قيادة الطائرة أفضل لانه لا توجد مشاكل تذكر عند الطيران خصوصا وأن الطائرات يتم الكشف عنها بكل دقة كما أن الطائرات تكون طوال رحلتها علي اتصال بمطارات ونقط لاسلكية متعددة وبالتالي فإن أي خلل يقابل الطائرة يتم الابلاغ عنه مباشرة كذلك فإن الممرات الجوية لا يوجد بها أزدحام ولا توجد حركة مرور معقدة بعكس المرور علي الأرض حيث أزدحام السيارات وتكدسها واختناقاتها.. بالإضافة إلي المفاجآت غير المتوقعة من السيارات الأخري.
وكانت معظم حوادث الطائرات التي حدثت في الستينيات من القرن الماضي نتيجة خلل فني أو ارتطام في الأرض وقد شاركت مع الصديق العزيز سمير رجب في تحقيق بعض حوادثها سواء في الداخل أو الخارج حيث كنا نرافق لجان التحقيق وتحليل حوادث الطيران عند توجههم أو سفرهم إلي مواقع الحوادث.. سافرنا مرة إلي بانجكوك بتايلاند لتغطية حادث سقوط طائرة من طراز كوميت اصطدمت بسقف أحد المصانع القريبة من المطار.. وسافرنا إلي ليبيا لتغطية حادث سقوط طائرة في غابات طرابلس وشاركنا ايضا في تحقيق حادث سقوط الطائرة الباكستانية والهولندية في الستينيات وبصفة عامة فإن أسباب الحوادث في الماضي كانت في معظمها أسبابا فنية نتيجة لتعطل بعض الأجهزة تعطلا فجائيا مدمرا أو وهذا هو الغالب تعطل الأجهزة الخاصة بارتفاع "عجلات" الطائرة عن الأرض ولهذا حدثت حوادث ارتطام بتلال مرتفعة أو قمة جبل من الجبال.. وقد يحدث ذلك عند هبوط الطائرة أو اقلاعها مباشرة.. هذا عن الماضي أما الحاضر فإن الأمور اختلفت تماما حيث دخلت صناعة الطائرات أحدث الأختراعات وتم تزويدها بأجهزة في غاية الدقة بحيث يمكن القضاء تماما علي أي أعطال فنية فجائية تؤثر علي سلامة الطائرة وأن كان كل شيء جائز الحدوث عموما لقد وصل أمر التقنية العالية لصناعة الطائرات المدنية إلي وجود طيار آلي يقود الطائرة بعد اقلاعها حتي وصولها إلي مقصدها بسلامة الله أما قائد الطائرة البشري ومساعده.. فهما يستخدمان كل خبرتهما في مراقبة جميع الأجهزة وملاحظة خط السير كما ينفذه الطيار الآلي.
وفي جميع الأحوال فإن أجهزة الرادار المنتشرة في جميع الإرجاء التي تمر من خلالها الطائرات تراقب الحركة.. ولا تختفي الطائرة أبدا عن اي جهاز رادار إلا إذا سقطت ففي هذه الحالة تختفي من علي الشاشات وتعتبر الطائرة مفقودة.. واتذكر ما قاله لي مرة المرحوم اللواء محمد فهيم ريان وكان رئيسا لمصر للطيران انه من الصعب دائما تحديد أسباب قطعية لأي حادث طيران ودائما النتائج لا تخرج عن احتمالات وفروض.. حدث ذلك بالنسبة للطائرة التي سقطت في مياه الاطلنطي منذ عدة سنوات.. ولم يتضح أي سبب من الأسباب.. ونفس الحال بالنسبة للطائرة الماليزية التي اختفت من علي شاشات الرادار ولم يتم العثور عليها.. وإن كان البعض قد ذكر انه تم العثور علي بعض القطع التي يرجح أنها خاصة بالطائرة المفقودة وان كان هذا الكلام لم يتأكد من أي مسئول.
والحقيقة التي تذكرت كل هذه الحقائق ونحن نتابع من خلال شاشات التليفزيون حادثة اختفاء الطائرة المصرية من علي شاشات الرادار أثناء عودتها من باريس إلي القاهرة.. ولأنني أعلم من خلال أحاديث خبراء الطيران أن سر سقوط الطائرة يضيع مع سقوطها.. وكل ما يمكن الاشارة إليه هو احتمالات وفروض.. ولهذا تعجبت عندما سمعت وقرأت أراء أهل الفتوي عند ذكرهم أنواعاً وأشكالاً من الأسباب.. كما قرأت علي شاشة التليفزيون ما ذكره مطار اثينا من أن الطائرة مالت بسرعة ثم سقطت.. ولا أدري كيف يمكن أن يحدث هذا؟! وكيف رأي المطار ذلك؟ وربما يكون هذا قد حدث لأسباب ما.. ولكن عدم المشاهدة يجعل اليقين منعدما.. خصوصا وأن الانحراف بشدة مع سرعة الطائرة يمكن أن يحدث ما لا يمكن لاحد توقعه.. تماما مثل السيارة التي تسير بسرعة جنونية وفجأة تنحرف إلي اتجاه ما مع نفس السرعة فإن انقلابها يصبح أمرا حتميا.
وفي جميع الأحوال فإن وسائل النقل الجوي مازالت حتي الآن هي آمن وسائل الانتقال قاطبة سواء البرية أو البحرية أو الحديدية.
وعلي وجه العموم فإن مصر للطيران هي احدي شركات التحالف العالمي لشركات الطيران الكبري ستار الاينز والتي تطبق أعلي معايير الجودة.
هذه كانت حكاية تحقيق حوادث الطيران.. صحيح أن الحوادث والحمد الله قليلة ولكن مجرد حدوث حادثة واحدة فإنها تأخذ حيزا ضخما من القيل والقال علي مستوي شعوب العالم كله.
حتي أوباما خرج عن صمته ليعرب عن حزنه لحادث هذه الطائرة والتي اعتبرها كما اعتبرناها نحن كارثة بكل المقاييس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف