المساء
مؤمن الهباء
شهادة -بيزنس أم سياسة؟!
منذ الإعلان المفاجئ عن بيع قناة "أون. تي. في" الأحد الماضي من مالكها رجل الأعمال نجيب ساويرس إلي رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة والحديث لم ينقطع عن الأسباب الكامنة وراء الصفقة والتغييرات المتوقعة في السوق الإعلامية لملاك القنوات الفضائية وسياساتها أيضا.. خصوصا أن صفقة "ساويرس ـ أبو هشيمة" تمت بعيدا عن العاملين في القناة.. ولم يعلموا بها إلا بعد الإعلان عنها.. وهناك من الإعلاميين بالقناة من توقع بأنه أول من سيغادرها بأمر المالك الجديد الذي يحمل توجهات مختلفة.. بينما ذكرت تقارير صحفية أن ساويرس أراد أن يتخلص من القناة بعد أن شعر أنها أثرت سلبا علي أعماله ومصالحه.
وتتجه الأنظار الآن نحو قناة "الحياة" التي يتردد بقوة أن هناك مفاوضات مع مستثمرين من الإمارات لشرائها.. لكنها مفاوضات بطيئة ومتعثرة.. نظرا لأن مالكها د. سيد البدوي رئيس حزب الوفد.. يطلب 250 مليون دولار.. أي ما يعادل 2.5 مليار جنيه.. ويقال إن هناك مستثمرا آخر غير معروف حتي الآن دخل علي الخط.
ولا يتوقف حديث الصفقات عند "الحياة" التي تعاني من أزمة مالية.. وإنما يمتد إلي قنوات "سي. بي. سي" و"المحور" و"النهار" التي تعد أكثر الشبكات الفضائية استقرارا.. وهو ما يعني اننا أمام موجة شاملة من التغييرات في خريطة ملاك القنوات الاعلامية.. وبالقطع ستكون هناك تغييرات مصاحبة في السياسات والتوجهات.. وعلي مدي الأيام القليلة الماضية كانت هذه القضية مثار جدل وتساؤلات من خبراء الصحافة والإعلام والمهتمين بالشأن السياسي العام.. الذين طرحوا تصوراتهم عن مستقبل الاعلام والحريات والتعددية والرأي الآخر بعد أن تستقر الموجة.
البعض يقول إنها لعبة تبديل الأدوار في السوق الاعلامية التليفزيونية وصراع النفوذ لاثبات أن السيادة لسطوة رأس المال.. فالمال هو المتسيد في المشهد الاعلامي الفضائي الآن ومنذ سنوات.. خاصة وشركات الاعلانات تمارس هي الأخري سطوتها في صناعة الاعلام وتوجيهه.. لكن الصراع الحالي علي بيع الفضائيات أو شرائها ليس فقط المكسب والخسارة وسيطرة رجال المال علي الاعلام.. لكن الأكثر أهمية هو صراع النفوذ واليد الطولي والهيمنة.. وهو ما يفسر دخول المال الخليجي بقوة وشراء فضائيات خاسرة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.. ولعل إعلان ساويرس أن القناة سببت له صداعا سياسيا وإعلان أبو هشيمة عن سعي شركته "إعلام المصريين" صاحبة "اليوم السابع" إلي استعادة الريادة الاعلامية وتحريك الاقتصاد المصري ودعم استقراره ومساندة القيادة الوطنية ما يكشف بوضوح عن الدور السياسي وراء شراء "أون. تي. في".
هناك آخرون يتوقعون انكماش خريطة الاعلام المصري وسقوطها في دائرة الاحتكار لفرض رؤية واحدة أو توجه واحد.. وتضييق مساحة التنوع والتعدد التي توصف أحيانا بالفوضي.. وهؤلاء يتحدثون عن شواهد كثيرة تشير إلي أن الحكومة تريد أن تحتوي السوق الاعلامية بأكملها.. ومن المحتمل أن يجد بعض الاعلاميين الذين دخلوا في تحدي مع الحكومة وأجهزتها أنفسهم في حال تجميد قريبا.. لن يكون ذلك معلنا بالطبع.. أو عبر قرار منشور.. لكن سوف يشعر به الجميع.. وستكون رسالة لكل من يفكر في التمرد خارج السرب.
بصريح العبارة.. هناك مخاوف من أن تقود خريطة الملكية الجديدة والملكيات المتوقعة قريبا للقنوات الاعلامية إلي فرض المزيد من القيود علي حريات التعبير.. وسوف تجد وسائل إعلام كثيرة نفسها مضطرة إلي البحث عن مساحات أخري غير السياسة للتركيز عليها.. ومن المؤكد اننا سوف نستمع كثيرا في الفترة المقبلة إلي مصطلح "الاعلام التنموي الذي يبني ولا يهدم".. وسيكون ترجمة ذلك عمليا علي أرض الواقع أن الاعلام يجب الا يدخل في معارضة مع الحكومة وأجهزتها.
وعلي رأي صديقنا عماد الدين حسين رئيس تحرير "الشروق": الموضوع كبير ومثير ودلالاته متعددة.. ولن يكون أثرها مقتصرا فقط علي الاعلام.. بل سوف يتعدي ذلك إلي مجالات كثيرة في المجتمع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف