الوفد
عباس الطرابيلى
هموم مصرية- الجد فى النيل..والحفيد فى البحر المالح
�ولا تدرى نفسٌ بأى أرض تموت�.. آية تحمل حكمة ربانية عادت إلى الذاكرة مع مأساة الطائرة المصرية، التى أسقطت وهى قادمة من باريس.. إذ كان على الطائرة اثنان من دمياط.. ولهما عندى ذكريات.. الضحيتان سيدة فاضلة �يمنى حمدى شبانة� وهى فى نفس الوقت متزوجة من حفيد الشقيق الآخر.. هو رأفت فهمى شبانة.. والضحية الثانية.. مهندس شاب ابن فهمى شبانة.. هو المهندس إسماعيل رأفت فهمى شبانة.. وللشقيقين قصة غريبة.
<< هما حمدى. وفهمى شبانة. وكانت لهما شقيقة هى الأم الروحية لى وأنا طفل دون الرابعة من عمرى.. كنا ـ أنا وأسرتى ـ نسكن بيتهم فى شارع الملكة فريدة ـ المتبولى الآن.. ملاصقاً لبيت المحامى الدمياطى الشهير ألفونس نقولا قبل أن ينشئا بيتهما الكبير ـ فى سوق الحدادين بدمياط �شارع الأمير فاروق التجارى حالياً، أو 26 يوليو�.
<< وفى صباح يوم حزين من شهر أغسطس 1950 استيقظت دمياط على فاجعة.. هى غرق اللنش الذى ينقل المصيفين من دمياط إلى رأس البر وكنا فى عز الفيضان.. ويبدو أن سائق اللنش قد غلبه النوم.. وكان يسير باللنش عكس اتجاه مياه الفيضان.. فلم ير حبال إحدى المراكب التجارية التى تسافر الى الشام المثبتة بالهلب.. فانخلع سقف اللنش الذى انقلب على الفور فى النيل وغرق من غرق.. ونجا من كتبت له النجاة.. أما الجثث فلم يعثر عليها إلا �داخل البحر المالح� بعد أن جرفتها مياه الفيضان بعد لسان رأس البر الشهير.. وكان بين الضحايا �الحاج فهمى شبانة� كان الأكبر من شقيقه الحاج حمدى.. وبغض النظر عن عدد الضحايا، إلا أن فجيعتى كانت أكبر فى الحاج فهمى، رحمة الله عليه.. وفهمى هذا هو جد المهندس إسماعيل رأفت فهمى شبانة الذى غرق فى النيل ـ بالقرب من منطقة الجربى جنوب رأس البر أى أن الجد مات غريقاً فى النيل عند رأس البر عام 1950. والحفيد إسماعيل مات غريقاً فى البحر المتوسط، فى حادث الطائرة المصرية، منذ أيام.
<< أما الأم وهى السيدة يمنى فهمى كريمة الحاج حمدى شبانة، شقيق الحاج فهمى والحاج حمدى ـ مع شقيقته الحاجة رمزة ـ توليا تربية أبناء الحاج فهمى وواصلا نشاطه، أو نشاطهما المشترك، فى عالم صناعة الموبيليا بدمياط.. ومازال بيت العائلة قائماً فى أول الشارع التجارى بدمياط ومن ناحية شارع فكرى زاهر.. فهى تزوجت من ابن الحاج فهمى.. وهى نفسها ابنة الحاج حمدى ولقيت ربها للأسف غرقاً.. ولكن على بعد 295 كيلو متراً فى البحر المتوسط بعيداً عن الإسكندرية.
<< وجاء حادث إسقاط طائرة مصر للطيران ليحرك الأشجان والذكريات الحزينة، لدى الأسرة.. التى نكبت بفقد� كبيرها الحاج فهمى فى نيل دمياط منذ 66 عاماً.. ثم بفقد حفيده فى حادث الطائرة.. ومعها والدته كريمة فرع الحاج فهمى.. فما هذه الأحداث الحزينة.. التى تلاحق بعض العائلات على مر الزمن.. وهل جاء حادث الطائرة ليذكر الأسرة بحادث فقد� كبيرها القديم.. وأيضاً فى أعماق� النيل؟.
أقول ذلك لأن الدمايطة ـ حزناً على ضحايا اللنش فى عام 1950 ـ توقفوا عن استكمال الذهاب الى مضيف ـ رأس البر.. أما نحن الصبية والأطفال، فقد ذهبنا الى موقع غرق اللنش.. وكان بالقرب منه ـ فنار صغير يرشد سفن الى الشاطئ.. لكى نتابع الحدث المؤلم. ورحم الله كل شهدائنا، ضحايا الإرهاب فى سيناء.. وفى الدلتا.. وأيضاً فى أعماق البحار.. آمين.. يا رب العالمين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف