عباس الطرابيلى
هموم مصرية -المصرى.. عاشق الشائعات الأول
دراسات عديدة حاولت أن تقول لنا: لماذا يعشق المصري الاستماع إلي الشائعات.. بل ويجري وراءها، ويساهم في انتشارها؟ وإذا كان المصري- زمان- يسألك عن آخر نكتة.. أصبح يسألك عن آخر الأخبار وبالذات آخر الشائعات؟!
سبب ذلك ان الإعلام الرسمي- ومنذ سنوات بعيدة- لم يكن يقول الحقائق للناس.. ولذلك- منذ سنوات- كانت نشرة أخبار إذاعة لندن هي أول ما يحرص المصري علي الاستماع إليها.. وتصديقها.. وحتي وان تغير سلوك الإعلام الرسمي الآن، فمازال المصري- وبالذات في فترات الأزمات- يعطي أذنه للشائعات.. ويعطيها أكثر لما يأتي من الخارج!
<< حقيقة جاء الإعلام المصري مع حرب أكتوبر 1973بأسلوب جديد جعل المصري يثق أكثر في إعلامه.. ولكن الطبع غلاب. وقد استغل الأعداء- في الداخل والخارج- عشق المصري الشائعات، بل وتصديقه لها، أكثر مما يصدق الإعلام الرسمي وقد استغل الإرهابيون هذا العشق، وصنعوا مسلسلات وراء مسلسلات سخروا فيها بعض الأحداث، وبنوا علي بعض حقائقها قصصًا وشائعات للسيطرة علي عقول البسطاء.. وبعض العقلاء أيضاً. وهذا ما تنبه له الرئيس �السيسي� وعلق عليه- وهو في دمياط- عندما تحدث عن أهل الشر والعبث في عقول الناس.
<< تري هل نحتاج إلي شفافية أكبر في معالجتنا الإعلامية لكثير من حياتنا.. أقول- وبالفم المليان- نعم. وإذا كنت أعترف بأن الإعلام الرسمي الآن أفضل مما كان.. إلا أنني أري ان ما عاشته مصر منذ 25 يناير 2011 يشير إلي عودة المصري ليستمع أكثر إلي الشائعات. وهذا سر انتشار الشائعات التي يطلقها الخبثاء والإرهابيون.. وأيضاً الإعلام الأجنبي الذي يقبض الثمن، في زمن صار فيه كل شيء يشتري.
والإرهابيون يستخدمون جيداً وسائل الاتصال الحديثة.. ويملكون سرعة الوصول إلي عقول الناس، إذا قامت شائعتهم علي جزء من الحقيقة حتي يصدقها الناس.. وهم أسرع من الإعلام الرسمي، حتي بعد أن تحسن تحسناً ملموساً في الفترة الأخيرة.. ولكن منطق الإرهاب مازال يلعب بالذات علي عشق المصري للشائعات.. بل ان هذا المصري سريعاً ما يساهم في انتشار الشائعة المغرضة، وهو يعيد إطلاقها ليبدو أمام الآخرين انه عليم ببواطن الأمور.. خصوصاً إذا غلفها- هو أيضاً- ببعض الحقيقة.
<< هل المطلوب منا أن نوفر للمواطن قدراً أكبر من الحقيقة.. حتي يصدقها علي ما يمكن أن يسمعه من شائعات.. أم المطلوب أيضاً إقناع الإعلاميين أنفسهم بألا يسرعوا إلي ترديد هذه الشائعات.. وألا ينشروا إلا ما يكون صادقاً 100٪، محافظة علي مصلحة الوطن.. والناس.
أقول ذلك لأن �بعض الإعلاميين� للأسف، يساهمون في نشر الشائعات طمعاً في تحقيق أي سبق إعلامي، والإعلامي هنا هو من يعمل في الصحف وأيضاً في القنوات الفضائية، لأن الناس يرون أن الإعلاميين هم الذين يعلمون أكثر.
<< يا عالم- عندما كنت مسئولاً عن جريدة �الوفد�- ورغم انها صحيفة معارضة- كنت أرفض نشر ما لا أثق في صحته بنسبة 100٪. أقول ذلك لأننا الآن في ظروف لا تحتمل أي شائعة خصوصاً ان كانت تتعلق بالأمن القومي المصري والأمن الغذائي.. أيضاً!