الأهرام
أحمد عبد التواب
الحقيقة أن الإرهاب ينتعش!
إما أن تأخذك مؤشرات رقمية تكتفى فيها بانخفاض عدد العمليات الإرهابية وتراجع أعداد الضحايا، ثم تتصور أن هذا انتصار كبير أو حتى جزئى. وإما أن تفتح عينيك على ما يدعو إلى التشاؤم، عندما ترى ما يقلل من أهمية عنصرى عدد العمليات وعدد ضحاياها، فى نوعية هذه الجرائم داخلياً وإقليمياً وعبر العالم، والتى طوّر فيها الإرهابيون من أهدافهم وأسلحتهم، ورفعوا من مستويات كوادرهم، وصاروا يُشهِرون التحدى بعمليات نوعية فارقة عما قبلها، بالمبادرة بالهجوم على أشد المنشآت استحكاماً!

انظر فى الداخل إلى تركيزهم على وحدات الجيش وأقسام الشرطة، وإلى أسلحتهم المتطورة وفيها ألغام ومضادات للطائرات والدبابات. ثم انظر إلى آخر ضرباتهم فى مطار شارل ديجول، وحتى إذا لم يكونوا هم الفاعلون فى جريمة الطائرة المصرية، فقد أعلنت السلطات الفرنسية عن اكتشافها لجيش من المتطرفين يحتلون وظائف فى المطار، وأن لهم ارتباطات بحلقات إرهابية ناشطة، وأنه يمكنهم بحكم عملهم فى المطار تمرير أشياء خطيرة إلى الطائرات. أضف إلى هذا نجاحاتهم الأخرى فى أوروبا وأمريكا فى تجنيد أعداد كبيرة من مواطنى هذه الدول، للتطوع فى داعش الذى هو عنوان لأكثر الإرهابيين دموية وهمجية وتخلفاً. وقد هدَّد المتحدث باسم داعش قبل يومين فقط أنهم سيقومون بهجمات فى رمضان ضد أمريكا وأوروبا!

وأما فى مصر، وإذا مددت بصرك إلى خط موازٍ للعنف بالسلاح، فإن المتطرفين نجحوا فى فرض قانونهم على المجتمع بأسره، بعد أن صارت تشريعاتهم هى السائدة فيما يعنيهم فى هذه المرحلة، مما أنتج آلية لم يعد المتطرفون فى حاجة إلى التدخل لجعلها تعمل لصالحهم، لأنها بالفعل تسير بالقصور الذاتى وفق ما يرون، وصارت تزج بخصومهم وراء القضبان، بناء على قوانين موجودة بالفعل تُقرّ عقوبات غليظة على حريات التعبير والإبداع الفنى والأدبى، وفى مجالات البحث العلمى.

ثم أضف إلى المحبوسين والمفروض عليهم قضايا قد تؤدى إلى الحبس، أن هناك آخرين قرروا أن يلجموا أنفسهم بأنفسهم بفرض رقابة ذاتية رادعة على ما يكتبون ويقولون ويفعلون خشية أن تطولهم هذه التبعات.

نعم، الصورة قاتمة! والتعامل معها واجب. وهذا سياق آخر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف