في كل عام يمن الله علينا بنفحات شهر رمضان المعظم حتي نعيد الشحنة الإيمانية في قلوبنا بعد أن غمرتنا الدنيا بالملذات والشهوات وابتعدنا عن طاعة الله ومنا من خاصم وغدر ومنا من ظلم وتجبر ومنا من قتل وافتري ومنا من سرق وكذب ومنا من قطع صلة الرحم حتي فرغت قلوبنا من التقوي والطاعة وجفت القلوب وسيطر الشيطان علي نفوسنا.
لكن الله رحيم بنا فمن علينا بالشهر الكريم الذي قال الله عنه كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به فهل تستطيع أن تغتنم النفحات الربانية في هذا الشهر الكريم الذي جاء ليغسل همومنا ويزيل الله به الغمة عن عباده ويمحو به الخطايا ويقربنا الله به إلي طاعته والبعد عن معاصيه.
كل واحدا منا لو أراد أن يفتش في نفسه عما اقترفه من الذنوب طوال العام لندم علي كل يوم مضي من عمره في الضلال ومعصية الله لكن من منا عاد إلي رشده وطلب من نفسه كشف حساب عن كل ما فعله طول العام مع ربه مقارنة بما فعله من أجل شهواته وملذاته ولو فعل ذلك لوجد نفسه خاسرا ومن هذا المنطلق يستطيع في هذا الشهر الكريم أن يعود إلي الطريق المستقيم وان يصحح وضعه مع الله حتي يذلل الله له عقبات الدنيا ويجعله من أهل الجنة مع النبيين والصديقين وذلك لمن خشي ربه.
العجيب أن استعداد الناس لشهر رمضان يتحول إلي حلبة صراع لجمع المال ومالذ وطاب من المأكولات ونسي أن هذا الشهر هو شهر الطاعة والعبادة وشهر الشحنة الإيمانية التي نستطيع بها أن نستمتع بحياتنا في العام الجديد وأن نسير علي الطريق المستقيم الذي تستقيم به حياتنا.
الأغرب من ذلك أن بعض الناس يستغلون هذا الشهر الكريم في تحقيق الربح المادي من خلال الاتجار في الممنوعات ونسوا أن هذه التجارة خاسرة وسوف تقودهم إلي الوقوع في المعاصي فقد قام البعض من الآن في عرض الألعاب النارية والمفرقعات في الشوارع لبيعها للأطفال والمستهترين.
هذه الألعاب النارية أصبحت ظاهرة خطيرة تؤرق الرأي العام ولقد حذرنا منها سابقا وفي كل عام وطلبنا من الجهات المسئولة منع هذه الألعاب النارية التي ينتج من ورائها مخاطر لا حصر لها وازعاج الصائمين وكبار السن لكن هذه الجهات المسئولة اغفلت هذه المخاطر التي تسببت في مشاكل عديدة في المجتمع المصري وأصبحت وسيلة إيذاء لكل الناس.
العجيب أن التاجر الذي يقوم بعرض هذه الألعاب النارية يعتقد أنه صائم وان صيامه مقبول ولم يتصور انه يقترف الذنوب في هذا الشهر الكريم وأن ما يجمعه من المال من وراء هذه التجارة الممنوعة قد يكون وبالا عليه وخرابا لا حصر له كما أن المسئول الذي يغفل عن محاربة هذه المخاطر التي تؤرق الرأي العام سوف يحاسب علي اهماله وقد يكون صيامه مجرد الامتناع عن الأكل والشرب فقط.
الحقيقة اننا نحتاج إلي عزيمة قوية في هذا الشهر الكريم حتي نبتعد عن كل ما يعصي الله ونعيد الشحنة الإيمانية في رمضان بالتقرب إلي الله وعمل الصالحات ونصل الرحم والبعد عن كل ملذات الدنيا لأن هذا الشهر هو شهر الله فمن منا لا يريد أن يعطي الله حقه في هذا الشهر العظيم حتي يمن الله عليه بالإحسان.
الواقع الذي نشاهده الآن وما نلمسه علي الطبيعة من خلال التعامل مع الكثير من الناس أنهم استغلوا هذا الشهر الكريم في تحقيق أرباح مادية فقط وتجاهلوا طاعة الله وحولوا الاحتفال بهذا الشهر الكريم إلي زينة الشوارع والمنازل بأسلاك الكهرباء والاتجار في الألعاب النارية والمفرقعات ونسوا اننا نحتاج إلي زينة قلوب وليس زينة شوارع فهل منا من استعد لزينة القلوب في الشهر الكريم ومن منا فكر في التوبة والرجوع إلي الله الذي جعل هذا الشهر له وخصه الله بالرحمة والمغفرة والعتق من النار.