المساء
مؤمن الهباء
شهادة- العبوها صح!!
من المفترض أن ملف جزيرتي تيران وصنافير ينتظر القول الفصل في مجلس النواب.. ومن المفترض أن مجلس النواب حين يفتح هذا الملف للحوار والمناقشة سوف يستقبل كل الآراء المؤيدة والمعارضة ويستضيف الخبراء والمختصين المؤيدين والمعارضين ويستمع لشهاداتهم.. ويطلع علي المستندات والوثائق والخرائط التي تدعم وجهة النظر هذه أو تلك.. وبعد ذلك يعلن المجلس موقفه.. وعلي قدر ما سيتابعه الرأي العام في سلوك المجلس وحياده وانفتاحه خلال تلك المسيرة الشاقة سيكون الاقتناع العام بموقفه والقبول بقراره.
علي الأقل هذا ما فهمناه من التصريحات الرسمية المتواترة في هذه القضية الشائكة التي تزداد تعقيدا مع الأيام.. وهناك بالطبع من يرفض هذا السيناريو من الأساس.. ويري أن التنازل عن قطعة من أرض الوطن - طبقا لوجهة نظره - لا يصلح معه استفتاء شعبي ولا عرض علي مجلس النواب.
رغم ذلك.. دعونا نسير مع السيناريو الذي رسمته التصريحات الرسمية حين أحالت الملف بالكامل إلي البرلمان للتصديق علي اتفاقية ترسيم الحدود أو رفضها.. ودعونا نؤكد أن انجاز المهمة علي الوجه الصحيح يتطلب من المجلس وأعضائه في هذه المرحلة اظهار أكبر قدر من الحياد والرغبة في الوصول إلي الحقيقة.. الحقيقة التي تقنع الرأي العام وتنقذ الوطن وتحافظ علي تماسكه ووحدته.. وإبداء الاستعداد الكامل لحشد الوثائق التي توصلنا إلي هذه الحقيقة.
لكن.. ماذا نفعل إذا اكتشفنا ان بعض قيادات المجلس والأعضاء المؤثرين فيه قد كونوا عقيدة.. ولديهم يقين ثابت وموقف معلن مؤيد بالكامل للبيان المباغت الذي أصدره مجلس الوزراء ذات صباح معلنا فيه بعبارة واحدة انتقال السيادة علي الجزيرتين إلي الشقيقة السعودية لأنهما سعوديتان علي عكس ما يعتقد 99% من المصريين؟!.. ماذا نفعل إذا ظهر لنا أن البرلمان. أو الأعضاء المؤثرين فيه. قد اتخذوا قرارهم دون بحث ومناقشة وانتهي الأمر؟
سئل اللواء كمال عامر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب في حوار نشرته "الشروق" السبت الماضي: ما هي رؤيتك لأزمة تيران وصنافير فأجاب قائلا: مرجعيتنا التاريخية والجغرافية تقول إنهما سعوديتان.. ووجودهما لمدة طويلة بحوزة مصر وارتباطهما بالمشكلات التي واجهتها صدر انطباعا بأنهما مصريتان.
ثم سئل.. وكيف سيتعامل البرلمان مع هذه الجزئية فقال: ما علاقة البرلمان بهذا؟.. هي وديعة ورجعت لأصحابها.. ولا يجوز أن يفتح البرلمان الحديث عن أمر محسوم.. ولن نتعرض لما يثبت سعودية الجزيرتين في هذه الاتفاقية.. والبرلمان دوره يقتصر علي كل مشروعات القوانين التي يتم عرضها عليه لإقرارها.. وننتظر اتفاقية الحدود البحرية التي استغرقت مداولاتها عبر لجان بين مصر والسعودية دامت لقرابة 7 سنوات.
والآن.. ماذا ننتظر من مجلس النواب؟!.. هل سيسير طبقا للسيناريو الذي رسمته التصريحات الرسمية؟ أم السيناريو الذي وضعه الآن رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي الذي يؤكد أنه "ما علاقة البرلمان بهذا الأمر" .. وأنه لا يجوز أن يفتح البرلمان الحديث عن أمر محسوم.. ولن يتعرض لما يثبت سعودية الجزيرتين؟!
إذن.. فلنلتمس العذر لاؤلئك الذين يجزمون بأن القضية محسومة مقدما. وأن مجلس النواب سيكتفي بإقرار الاتفاقية ولن يجهد نفسه بالبحث والدراسة وتقصي الحقائق.. وأن دوره سوف ينحصر في إقرار الاتفاقية التي وقع عليها مجلس الوزراء.
المصيبة أن مجلس النواب يتنصل من دوره ومسئولياته بسرعة.. وعلنا.. ولا يفطن حتي إلي ضرورة أن يلعبها بشكل صحيح.. فيكتم رأيه ويمسك عليه موقفه حتي يأتي الوقت الذي يحسم فيه أمره أمام الرأي العام.. وهو بهذا يجهض مصداقيته ويكشف انحيازه الكامل للسلطة التنفيذية.. وينال من هيبة استقلاله كسلطة تشريعية ورقابية علي الأداء الحكومي.. ويكتب خطاب استقالة علنية من دوره ورسالته ومسئوليته أمام المصريين وأمام التاريخ.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف