ناجح ابراهيم
عذرًا فلسطين.. وصلاح الدين
عذرًا فلسطين، إن كنت نسيتك أو أنسيتك، عذرًا فو الله ما نسيتك وما نسيت الأقصى، ولكن محنة سوريا، وتقسيم العراق، وتمزق ليبيا التى أصبحت شبه دولة، صراعات اليمن وأهلها على السلطة، تدهور أحوال العرب، كل ذلك شغلنى عنك.
عذرًا لكل لاجئ فلسطينى حرم من بيته وأرضه وطرد منها منذ سنوات طويلة ولا يستطيع العودة إليها، فاللاجئون السوريون عددهم أكبر ومأساتهم أفظع، طردهم حاكمهم وقسى عليهم مواطنوهم، ضربهم جيشهم بدلًا من أن يدافع عنهم.
عذرًا أيها اللاجئ الفلسطينى فعدد المهاجرين السوريين فى الشتات فاق عددكم وأصبحوا يتسولون الكرة الأرضية.
أما العراق فقد هجرها حتى الآن 4 مليون لاجئ عراقى بعضهم أيام صدام، وبعضهم ملايين بعد الغزو الأمريكى، وبعضهم أيام المالكى، لم يرحمهم أحد.
عذرًا فلسطين، فالفلسطينى قتل بيد الصهيونى، أما السوريون فيقتلون كل يوم تارة على يد داعش وأخرى على يد النظام، وثالثة على يد روسيا، ورابعة على أيدى إيران وحلفائها، وخامسة على أيدى الجماعات التكفيرية الأخرى.
عذرًا أيها الفلسطينى إن نسينا ذكرى نكبتك لأن نكباتنا لا عد لها ولا حصر، وكل نكبة تنسى الأخرى، وبلادنا تجوب مياهها كل الأساطيل البحرية العسكرية سوى بحريتنا، وسماء سوريا والعراق وليبيا تجوبها طائرات العالم إلا طائراتنا، قرارنا بأيدى غيرنا، مواردنا لا نستفيد بها، خيراتنا تذهب لغيرنا.
بلادنا أغنى البلاد وشعوبها أرقى الشعوب، لدينا أعظم الأديان ورغم ذلك فينا كل أدواء وأمراض الدنيا الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، سرقة، خطف، قتل، تفجير، كذب، خيانة، فساد، رشوة، بيروقراطية، تكاسل، تخلف علمى وتقنى.
لدينا أعظم العقول ولكنها تتعطل فى بلادنا ولا تعمل إلا إذا ذهبت لبلاد أخرى تعرف قدرها وتضعها فى منظومة إدارية جيدة لا تعرف المحسوبية أو الرشوة أو الفساد.
كنوز الدنيا وثرواتها وأنهارها بين أيدينا وتحت أرجلنا فلا نعرف كيف نستخرجها أو تستفيد منها، لدينا أعظم الأنهار ونستورد أبسط السلع، لدينا البترول فلا نعرف استخراجه ولا الاستفادة منه، ومن يخرجه أو يكرره يستفيد أكثر من صاحبه الأصلى.
بلادنا جميعا تسودها الديكتاتورية وهى لن تحرر فلسطين لأنها تصنع شعوبًا ميتة وراقدة، فالشعوب المقهورة المغلوبة لا تتحرر ولا تحرر.
حركاتنا الإسلامية متطرفة وغائبة لا تعرف سوى التكفير والتفجير والحنجورى «شهداء بالملايين رايحين على فلسطين»وكل القتلى والجرحى فى بلادنا هم نتاج الصراعات السياسية بين بعضنا البعض.
هنيئًا لك يا إسرائيل، ابتلعت العالم العربى كله دون أدنى مجهود، قدمناه لك غنيمة باردة دون ثمن، لماذا كل هذه الجيوش يا إسرائيل اطمئنى العرب يحاربون العرب، والعراقى يقتل العراقى، والسورى يطرد السورى، واليمنى يفجر ويقصف اليمنى، والليبى يأسر الليبي.
لا تقلقى يا إسرائيل، ضعى فى بطنك بطيخة صيفى، فلن يفيق العرب قريبًا إلا بإذن الله، وإذا غيروا من أنفسهم، سيدمر ويفجر ويغتال بعضهم بعضًا، سيقسمون بلادهم بأنفسهم وسيخربون بيوتهم وحدهم، لا تطلقى القذائف، لا حاجة لك اليوم بالنووى أو الكيماوى أو حتى السلاح العادي، فقد كفاك العرب أنفسهم، وكفوك شر الحرب والمنازلة.
إنهم يحققون أهدافك كلها بغير ثمن، إنهم على درب التفرق والتمزق ماضون، وفى طريق التخلف ماضون، وعلى نهج الصراع بينهم سائرون.
السورى لا يريد تحرير القدس ولكن يريد تحرير دمشق من سوريين آخرين، والعراقى لا يريد تحرير القدس ولكنه يريد تحرير الموصل والرمادى من عراقى آخر، واليمنى نسى القدس ويريد تحرير صنعاء أو عدن من يمنيين آخرين، وإيران تريد احتلال بلاد العرب بدلًا من تحرير القدس، والخليج يريد تحرير صنعاء بدلًا من القدس، والليبى يريد تحرير المدن الليبية من الميليشيات والتنظيمات المسلحة، والغريب فى بلاد العرب أناس يشتمون صلاح الدين محرر القدس الذى رحم الجميع حتى خصومه ويمدحون بشار والمالكى وأشباههم.
جاء الزمن الذى يشتم فيه صلاح الدين الذى وحد العرب وحرر القدس ويمدح الذين كانوا سببًا فى احتلال القدس، ويمدح الذين كانوا سببًا فى هزائمنا ونكباتنا.
عذرًا يا صلاح الدين، ويا كل صلاح الدين، عذرًا أيها الأقصى الحبيب.