تلقيت منذ أيام رسالة على قدر كبير من الغرابة، حررها طالب فى كلية العلوم بجامعة المنيا، الفرقة الثالثة، المستوى الثالث، شعبة كمية وحيوان، اسمه أحمد محمد فؤاد أحمد زيد، مشكلة أحمد تتلخص فى تعنت عميد الكلية، أحمد مر بظروف أسرية طارئة، مرض والده واضطر إلى البقاء بجواره لتمريضه إلى أن توفاه الله، بعد وفاة الأب دخل أحمد فى اكتئاب شديد، تردد على الأطباء وتلقى علاجاً وبحمد الله تم شفاؤه، أحمد ذهب إلى الكلية لكي يستكمل مشواره بعد فترة انقطاع، فوجئ بمنعه من دخول الكلية بسبب تغيبه عن الدراسة، تقدم بعدة طلبات مرفق بها ما يفيد مرض والده ووفاته، ومرضه هو الآخر وتلقيه العلاج، تمسك عميد الكلية بقراره، وأصر على فصل الطالب والإلقاء به إلى الشارع، أحمد حاول أكثر من مرة مع عميد الكلية، والأخير رفض تماماً عودته متمسكاً باللوائح، أحمد لم يجد له سبيلاً سوى أن يكتب لى يستغيث، فمستقبله يضيع بين يديه، هل كان عليه أن يلقى بوالده؟، هل كان مطالباً بأن يتركه دون رعاية، لأن عميد الكلية لا يدرك سوى اللوائح؟، قبل أن أعلق على الرسالة أنشر ما جاء فيها:
�الأستاذ علاء عريبي، تحية طيبة وبعد، أنا طالب بكلية العلوم، جامعة المنيا، بالفرقة الثالثة، انقطعت عن الدراسة لظروف قهرية جداً، يتعرض لها الكثير منا كل يوم، فقد أصيب والدى بمرض مزمن، احتاج فيه إلى رعاية، اضطررت أن أجلس بجانبه لكي أرعاه، وكانت إرادة الله، توفى والدي وأصبت بحالة اكتئاب لفقده، وتطور الاكتئاب إلى حالة نفسية، عرضت على بعض الأطباء، وبحمد الله تم علاجي وشفائي، وعند توجهي إلى الكلية فوجئت بسحب الكارنيه على البوابة وإبلاغي شفهياً وليس رسمياً بفصلي من الكلية نتيجة لهذا الانقطاع، قدمت تقارير طبية وشهادة وفاة الوالد، وتوسلت للسيد عميد كلية العلوم وإدارة الجامعة، ولكن للأسف الشديد لم تشفع لي أي أعذار، والأمر مفوض للرحمن ثم للسيد رئيس الجمهورية، والسيد رئيس الوزراء، والسيد وزير التعليم العالى، للتدخل بصدور قرار إنساني بقبول عذري وإعادة قيدي حفاظاً على مستقبلي، مرفق: صورة الرقم القومي، شهادة وفاة والدي، تقارير وشهادات طبية، صور إيصالات تسديد المصروفات، مقدمه لسيادتكم: أحمد محمد فؤاد أحمد زيد، طالب بكلية العلوم جامعة المنيا، الفرقة الثالثة، المستوى الثالث، شعبة كمياء وحيوان، الرقم الكودى 70000909، المقيم فى 94 شارع جسر السويس، الزيتون، القاهرة، الدور السابع، شقة 704، محمول: 01127378520، 0122915498�.
حالة أحمد تضع أيدينا بشكل واضح على الداء أو السلوك أو العقلية البيروقراطية، وكيف يتجرد بعضنا من مشاعره الإنسانية، ويساهم بعقليته هذه فى انتشار الجريمة والإرهاب، ألم يفكر عميد الكلية وماذا بعد فصل الطالب وهو بالصف الثالث؟، ماذا بعد تشريده ورميه إلى الشارع؟، ألم يتخيل للحظة مصيره؟، انضمامه لجماعة تكفيرية إرهابية أو إدمانه للمخدرات أو انضمامه لعصابة؟، وماذا لو عاد هذا الشاب لينتقم منك بسبب قسوتك وروتينك؟، هل ترضى لابنك أن يتم تشريده وإضاعة مستقبله بهذا الشكل؟، لماذا لم تعاقبه بتفويت العام عليه وانتظامه في العام القادم؟، لماذا تصر على الإلقاء به إلى الشارع؟.
هذه الواقعة نتركها لوزير التعليم العالي ولرئيس جامعة الإسكندرية، وننصح بأن يختاروا جيداً عمداء الكليات، نحن في كلية نعلم ونربى الشباب وليس فى إصلاحية وسجن لقضاء عقوبة.