الأهرام
مصطفى النجار
فى كارثة الطائرة.. صحافة «تكسف».. وصحفية «تفرح»
فى ذلك الصباح الباكر من يوم الخميس الماضي.. أصابتنى حالة من الحزن الشديد من هول ما سمعت عن اختفاء طائرة
مصر للطيران القادمة من باريس إلى القاهرة من على شاشات الرادار فوق البحر المتوسط.. لكنى تمسكت بالأمل فى أن أسمع خبرا جديدا يطمئننى على ركاب الطائرة ويهدئ من خوفى على اسم شركتنا الوطنية مصر للطيران.. لكن إرادة الله نفذت وأصبح الإعلان عن سقوط الطائرة فى المياه العميقة للبحر شرا لابد منه.. وهنا تحولت حالة الحزن عندى إلى حالة من الغضب الشديد.. ذلك أنه منذ اللحظة الأولى لهذه الكارثة أو المأساة .. لا أدرى لماذا تسلل إلى عقلى شك فى أنها إحدى محاولات استهداف مصر وضرب اقتصادها وسياحتها وكل خططها للتنمية منذ ثورة 30 يونيو بعد أن أفشلت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ذلك المخطط الشيطانى لتدمير الدول العربية قاطبة؟. فنحن فى حرب غير معلنة شنتها علينا دول أو أجهزة مخابرات قذرة وبات استخدام الإرهاب ضد مصر وخنق اقتصادها خطة واضحة لا تخطئها العين..

< لكن المؤلم أن مسلسل عقاب مصر والانتقام منها مازال مستمرا.. فرأينا مصر تعاقب بمنع السياحة إليها بحجة عدم تأمين المطارات مع أن ذلك لم يحدث مع الدول التى حدث فيها وفى مطاراتها إرهاب واضح بكل المقاييس بما يؤكد أن المقصود مصر.. ولعلى هنا أشير إلى ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى هذا الأسبوع فى افتتاح مصنع الأسمدة فى دمياط، منبها المصريين إلى أننا نتعرض لضغوط لعرقلة جهود التنمية والتقدم فى مصر.. لكننا كما قال الرئيس نزداد صلابة وقوة فى الأزمات.

< إن أوراق التاريخ تؤكد أن الأدوار السرية فى عالم المخابرات وحروبه القذرة لا يتخيلها أحد ولا يتصورها عقل ولا يتم كشفها إلا بعد عشرات السنين.. ولذلك فمن غير المستبعد أبدا أن تكون هذه الحرب غير المعلنة على مصر التى وصلت إلى أقصى مدى هى التى تسعى إلى إفساد علاقات مصر بكل الدول التى تساندها منذ ثورة 30 يونيو، وعلى رأسها روسيا وفرنسا وإيطاليا ولذلك لابد أن يتوقف العقل ويربط بين الأحداث التى وقعت للطائرة الروسية فوق سيناء وحادث مقتل الشاب الإيطالى ريجيني، وأخيرا سقوط الطائرة المصرية القادمة من باريس..وليس معنى مانقوله أننا نؤيد فرضية الإرهاب أو الخطأ الفنى فى سقوط الطائرة فنحن لانستبعد أى فرضية فالكلمة الأخيرة للصندوق الأسود والتحقيقات.

< لكننى اليوم لن أستفيض فى هذا التحليل السياسى وسأتوقف عند الإعلام وخطاياه, وأقول .. إن هرولة الإعلام الغربى أو بعض منه على وجه الدقة لحصار مصر بالشائعات هو جزء من هذه الحرب بل أصبح أمرا مؤكدا أن زعزعة استقرار مصر هدف لهذا الإعلام المغرض.. وللأسف يقع إعلامنا المصرى والعربى فى هذا الفخ وينقل عن هذا الإعلام وكأنه يقول الحقيقة أو أن كلامه «مقدس».. أو كأنه لا عقل لنا فى نفس الوقت. بحيث ندرك المعنى من وراء توجهات هذا الإعلام الغربي.

< وهنا لابد أن نتوقف عند معالجة الإعلام المصرى والصحافة المصرية على وجه التحديد لكارثة سقوط طائرة مصر للطيران.. لقد ثبت بالفعل أنها معالجة غير مهنية على الإطلاق ولا تبحث عن الحقيقة بقدر ما تبحث عن الإثارة.. وفرق كبير بين السبق أو الجرى وراء الخبر وبين الانسياق وراء الشائعات والنقل عن مواقع مغرضة إخوانية أو غير ذلك دون تحرى الدقة وكأنها تقول الحقيقة.

إن حالة الصحافة المصرية أصبحت حالة «تكسف».. شباب غير مهنى وغير مدرب ولا يعترف بالكبار.. يكسر كل القواعد المهنية والأخلاقية.. لا يلتزم ولا يعترف بقواعد وقوانين إن وجدت.. أصبحنا نعيش تاريخا من السقطات المهنية.. وإلا قل لى بالله عليك.. ما معنى أن يخرج وزير الخارجية الفرنسى فى مطار شارل ديجول ويقول للصحفيين ليس لدينا معلومات حتى الآن عن سقوط الطائرة وفى انتظار الصندوق الأسود.. ولا يجادله صحفى واحد ولم يعترض أحد؟ أما هنا فى مصر فعندما قال شريف فتحى وزير الطيران ذلك رأينا ما حدث فى المؤتمر الصحفى معه من جدل عقيم وحالة «تكسف» من الهرج والأنانية والأسئلة البلهاء التى يرفضها أى منطق وإصرار على أن يقول الوزير «أى حاجة» عن سقوط الطائرة!! مع أن الدولة بكل أجهزتها تعاملت بكل جدية مع الحادث منذ اللحظة الأولي.. لكن البعض لا يريد أن يرى الحقيقة.. .. بل وزيادة على ذلك يتبارى إعلامنا فى استضافة ما يسمون «خبراء» تماما مثل «الناشطين» بعد الثورة ليمطرونا بتحاليل عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان ولا تستند لأى منطق أو علم .. ما هذا ا لهراء؟.

< الأسوأ من ذلك ما نشرته بعض المواقع فى اليوم التالى للكارثة عن تأخر عدد كبير من طائرات مصر للطيران عن الإقلاع لمدة 15 أو 20 دقيقة بسبب أعطال فنية!! كلام غير مسئول وغير دقيق فى توقيت غير مناسب حتى لو كان صحيحا لأنها أشياء تحدث فى كل شركات الطيران.. لكن هنا وكأن المقصود ضرب هذه الشركة الوطنية .. لكنها لن تسقط أبدا بإذن الله.

< إن معالجة الصحافة المصرية لمأساة الطائرة هى بالفعل «تكسف» .. ولذلك أقدم نموذجا للمقارنة وهو النموذج الذى قدمته الصحفية الفرنسية فيسيان جاكيه مراسلة صحيفة لوسوار البلجيكية بالقاهرة عندما طلبت منها إدارة الصحيفة أن تلقى «باللوم» فى تغطيتها من القاهرة لحادث الطائرة على مصر للطيران وأن تركز على مأساة أهالى الضحايا.. ولكن هذه الصحفية المهنية المحترمة جدا «رفضت» ذلك بقوة مؤكدة أن سبب سقوط الطائرة غير معروف ولا تستطيع أن تكتب ذلك.. فكانت النتيجة أن الصحيفة أوقفت التعامل معها.. إنها بالفعل صحفية «تفرح» ـ بكسر التاء ـ وأثبتت بموقفها احترامها للحق والحقيقة والمهنية، وفى نفس الوقت أكدت أن بعضا من صحف الغرب وإعلامه لا يريد الاستقرار لمصر.. بل إنه يتآمر على مصر!! لكن هيهات.. فمصر كنانة الله فى أرضه.. والله خير حافظا لها من كل سوء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف