المساء
مؤمن الهباء
شهادة- ضد التطبيع
إذا أردت أن تطلع علي جانب من عظمة الشعب المصري ووعيه وحيويته فما عليك إلا أن تقرأ التقرير الذي نشرته صحيفة "الأخبار" يوم الأحد 15 مايو 2016 بعنوان "التحالف الهادئ بين الأردن وإسرائيل ينتهي بفتح الحدود".. وعندما تقارن بين ما رصده التقرير علي صعيد التعاون الأردني الإسرائيلي وبين ما حدث ويحدث في مجال التعاون بين مصر وإسرائيل سوف تتأكد أن عبقرية الشعب المصري قد نجحت علي مدي سنوات طويلة في أن تتصدي لمحاولات التطبيع.. وأن تجعل العلاقات مع إسرائيل محصورة في السلطة هنا وهناك.. لتظل إسرائيل في الوعي العام هي العدو الاستراتيجي الأول.. وربما العدو الوحيد.
كانت مصر هي الدولة العربية الأولي التي وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل.. وكانت الدولة العربية الأولي التي دخلت في اتفاقات وعلاقات اقتصادية وثقافية مع إسرائيل.. وكانت الدولة العربية الأولي التي ركزت إسرائيل جهودها علي ضرورة تطبيع العلاقات مع شعبها ومؤسساتها الوطنية.. لكن الشعب المصري بوعيه وصموده أحبط هذه الجهود ولم يسمح للنفوذ الإسرائيلي بالتغلغل إلي الداخل.. فظل محصورا في دوائر السلطة.. ودوائر رجال الأعمال الانتهازيين الذين ارتضوا لأنفسهم الخروج علي الإجماع الوطني بدعوي أن معاهدة السلام يجب أن تفتح الأبواب للتعاون وتحقيق الاستفادة المتبادلة.. بينما وقفت المؤسسات والنقابات حائط صد في مواجهة التطبيع.. استنادا إلي منطق يقول إن معاهدة السلام يمكن أن تنهي حالة الحرب لكنها ابدا لا تجعل من العدو صديقا.
ماذا يقول تقرير صحيفة "الأخبار"؟
التقرير يرصد من خلال الصحف الإسرائيلية الخطوات المتسارعة التي اتخذت بالفعل للتطبيع بين مؤسسات وشركات أردنية مع مثيلات لها إسرائيلية.. ومؤخرا تم السماح للدفعة الثانية من العاملين الاردنيين وقوامها 500 موظف بالذهاب إلي إسرائيل والعمل في فنادق مدينة إيلات.. وتأمل الحكومة الإسرائيلية للوصول بعدد الموظفين الاردنيين في ايلات إلي 1500 وأن تحل العمالة الأردنية محل العمالة الافريقية المهاجرة بطرق غير شرعية.
ويتضمن التقرير العديد من المشروعات المشتركة بين الاردن وإسرائيل تمهيدا للوصول لخطوة فتح الحدود بينهما.. اكتفي هنا بعرض مشروعين أحدهما اقتصادي والآخر ثقافي.. أما الاقتصادي فيعرف بمشروع بوابة الاردن وهو عبارة عن جسر يربط بين إسرائيل والاردن ويشمل اقامة منطقتين صناعيتين علي جانبي الجسر ومنطقة توظيف وتشغيل ومركز لنقل التجارة إلي المطارات الإسرائيلية.
وأما المشروع الثقافي فيقوم علي تبادل الزيارات بين طلاب الجامعات.. ويقود هذا المشروع مركز الدراسات الإسرائيلية في العاصمة الاردنية عمان الذي دخل في شراكة مع مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة تل أبيب.. كما يعتزم المركز الأردني ترجمة العديد من الكتب الإسرائيلية إلي اللغة العربية.
شخصيا.. عندما قرأت التقرير علي هذا النحو شعرت بالفخر أنني مصري.. ينتمي لشعب يعرف كيف يفرق بين العدو والصديق.. ولا يلدغ من جحر مرتين.. ويكفينا هنا أن المؤسسات الشعبية والمنظمات والهيئات والنقابات والاتحادات تضع في مقدمة اهتماماتها رفض التطبيع مع إسرائيل.. وبيانات نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب ومؤتمرات الأدباء في هذا الصدد لا تحصي.. ويكفينا ايضا أن مراكز الدراسات الإسرائيلية والصهيونية والأقسام التي تدرس اللغة العبرية في جامعاتنا تعمل في اتجاه دعم الصمود والمقاومة ورفض التطبيع.
وهذا هو الفرق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف