عباس الطرابيلى
هموم مصرية- الأرض.. وثمن الشقق الشعبية
بعد أن ارتفعت أسعار أراضى البناء وأصبح ثمن الأرض يعادل 400٪ من تكاليف إنشاء أى عمارة.. تطور عدد أدوار أى مبنى. وقد لا يعرف أحد أن ارتفاع ثمن الأرض يجىء بسبب ندرتها.. وبالذات فى وسط المدن.. وبالمناسبة� هل تعرف أن ثمن متر الأرض فى حى الحسين، والأزهر، ومنطقة الموسكى أغلى من ثمن متر الأرض فى الزمالك، أو جاردن سيتى!! وأن سبب ظهور ناطحات السحاب فى أمريكا وغيرها هو ندرة وجود أراضى البناء فى نيويورك. ولذلك ترك سكان المدينة قلبها، فى حى مانهاتن للشركات والأثرياء. فبنوا ناطحات السحاب.. ولجأ أهل المدينة، الى ضاحية بروكلين ليسكنوا فيها بعد أن أقاموا بيوتاً من طابقين، أو أربعة على أكثر تقدير.. وهكذا فعلت كل المدن التى تعانى من ندرة أرض البناء.
<< وعندما نشأت مدينة الإسكندرية الحديثة ـ الأوروبية ـ فى بداية القرن الماضى أقامت أشهر عماراتها على الكورنيش ـ بالذات بعد إنشاء إسماعيل صدقى باشا للكورنيش الرابع فى ثلاثينيات القرن الماضى من السلسلة ـ شرقاً الى سوق السمك حتى الأنفوشى غرباً مروراً بمنطقة الميناء الشرقية.. أقاموها من 24 و5 طوابق، والتزموا بهذا الارتفاع، ولكن بسبب عشق الناس للسكن على �البحر� أخذوا يقيمون أبراجاً فوق 20 طابقاً مكان هذه العمارات، من الإبراهيمى ـ وحتى المندرة والعصافرة مروراً بسان ستيفانو وسيدى بشر.. وكل ذلك� حتى �يروا البحر�!! وكله بالثمن!!
<< وتعالوا نروى لكم تطور البناء.. حتى المساكن الشعبية، أو العمالية وليس� فقط الأكثر ثمناً.. ففى عهد الملك فاروق عرفنا مدناً عمالية فى إمبابة وعين شمس �بشارع المطرية� وحلوان والحمامات.. وكانت كلها من طابقين فقط �مع ترك مساحة صغيرة كحديقة، أو حتى لتربية الدواجن وفرن لإعداد الطعام ومعظم هذه المدن العمالية، أقيمت فى عهد حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس باشا بين عامى 1950و 1952.. وكانت هدية من الدولة للعمال.
<< وفى عهد عبدالناصر وانتشار بناء المساكن الشعبية �الاقتصادية� أقيمت هذه المساكن من خمسة طوابق، وبمساحات متنوعة. من غرفتين وصالة ومنافعها أى ثلاث غرف وصالة.. ولكن كلها كانت من خمسة أدوار فقط وهى أقصى ما �تحمله الساكن فى صعوده على السلالم.
ولكن فى مشروعات الإسكان الاجتماعى الحالية نجد أن الدولة جعلتها من ستة طوابق، يعنى خمسة فوق الأرضى، ليعوض الطابق الزيادة ارتفاع سعر الأرض.. وبالطبع دون تركيب أى مصاعد.
<<� حقيقة كل، أو معظم، من� حصلوا على بيت عمالى من أيام الملك فاررق والوفد، أضافوا طوابق فوق الطابقين.. وبنوا غرفاً إضافية على أرض الحديقة للأولاد.. وهناك من هدم هذا البيت ليبنى بيتاً أكبر.. وحتى سكان المساكن الاقتصادية ـ مساكن عبدالناصر ـ أضافوا الى شققهم غرفاً �لصقوها� بالشقق الأصلية. وقام ساكن الدور الخامس ببناء غرف تابعة لشقته، فوق السطوح.. بعد أن تحولوا إلى ملاك لهذه الشقق.. أما سكان الطوابق الأرضية فقد باعوها أو تحولت الى محلات ومطاعم ومخازن.. بمئات الألوف، حتى فى المناطق الشعبية.
<< وكل ذلك بسبب ارتفاع ثمن أرض البناء.. فلماذا لا نبنى المساكن الجديدة ـ كما وجدتها فى سنغافورة وكامبوديا مثلاً من عشرة طوابق.. مع تركيب مصاعد.. بعد أن أصبح ثمن الشقة بعشرات� الألوف من الجنيهات!!