أحمد الخطيب
محمد عبدالسلام.. وفساد الأزهر (5)
فى البدء لا بد أن نثمن زيارات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الأخيرة، وعلى رأسها نيجيريا التى أراها من أهم الزيارات الخارجية للأزهر فى السنوات الماضية من حيث الرسالة والهدف، نظراً لانتشار جماعات التطرف فى «أبوجا» والذى يعكسه حجم العمليات الإرهابية التى ترزح تحت نيرها أكبر دولة مسلمة فى أفريقيا، فضلاً عن زيارة الفاتيكان التاريخية التى تؤكد مجدداً أن الأزهر هو أهم منبر للاعتدال والتسامح فى العالم الإسلامى، ثم زيارة فرنسا التى تكن للأزهر والدكتور الطيب مكانة خاصة وتقديراً متفرداً.
الزيارات الفارقة للدكتور الطيب فى هذا التوقيت هى أكبر ذود عن العالم الإسلامى فى وجه الاتهام المغلوط والباطل بالإرهاب، واضطلاع الإمام الأكبر بمسئوليته المقدرة كانت تستأهل اهتماماً إعلامياً يليق بمكانة الأزهر لكى تؤتى ثمارها عند الشعوب قبل الحكومات عبر تسويق جهد «الطيب» فى وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لولا وجود محمد عبدالسلام، المستشار القانونى للمشيخة، الذى يدير المؤسسة العظيمة والعريقة بمنطق «فيها لا أخفيها».. هذا الرجل يرفض أن يكون للأزهر مؤسسة إعلامية حقيقية تليق بأكبر مؤسسة دينية رسمية فى العالم، كما هو الحال مثلاً مع «الفاتيكان» والمؤسسات العالمية الأخرى.. حيث يرفض «عبدالسلام» أن يكون للأزهر هيئة إعلامية علمية محترفة تذود عنه وتوصل رسائله حتى يجنى العالم الإسلامى ثمار زيارة الدكتور الطيب لنيجيريا وفرنسا والفاتيكان على الرغم من تدفق الأموال «على المفتوح».
«عبدالسلام»، الذى يفهم فى الدعوة والإعلام والمحاسبات والإدارة والمساجد والجامعة والعلاقات الدولية وترقية الأساتذة والقانون، يفعل كل شىء فى الأزهر.. فالرجل يفهم فى كل شىء وعن كل شىء، ففى يده كل القرارات، وكل الصلاحيات، وكل المقدرات المالية، فهو يمنح ويمنع، وهو الذى يقف على باب مكتبه كبار العلماء، وكبار العمداء، وكبار الأساتذة (إلا من رحم ربى ومن كانت لديه ذرة كبرياء وعزة.. وللأمانة هم كثر) فى ذل واستعطاف لنيل رضاه، والتعطف عليهم بكلمات الإجادة والثناء، فرضاه وثناؤه يعنى الكثير والكثير.. يعنى الترقيات والمكافآت.. يعنى فتح أبواب السفريات لجلب الدولارات من الدول العربية!
هالنى حجم ردود الفعل عندما ذكرت اسم محمد عبدالسلام فى مقالى الفائت عندما سألت عن دوره الجبار فى قيادة المؤسسة العريقة والذى يعرفه القاصى والدانى دون أن يجرؤ أحد على ذكر اسمه بسوء.. اتصل بى العشرات من العلماء والأساتذة الذى يحبون الإمام الأكبر ويقدرونه فيما يرون أن «عبدالسلام» أصبح جباراً عتياً، وفوجئت به يطلق مجموعة من خدمه وأُجرائه من أمثال عبدالمنعم حداد وشخص يدعى على الأزهرى وآخرين وقد انطلقوا يكتبون ضدى ويتطاولون علىّ لأننى ذكرت اسم «عبدالسلام»، فيما لم أر هذه الحماسة وهذه النخوة عندما كتبت مقالاً قبل 4 أعوام انتقدت فيه الدكتور الطيب.
دفعتنى هذه الملاحظة المهمة أن أسأل «عبدالسلام» وأُجراءه: لماذا لم تنتفضوا عند أى نقد للإمام الأكبر، فيما تنتفضون عند نقد «عبدالسلام»؟.. والإجابة هى أن الدكتور الطيب يقبل النقد بنفس سمحة؛ لأنه صاحب نفس كبيرة وشريفة، فضلاً عن أنه لا يمنح المكافآت والعطايا والترقيات.. أما «عبدالسلام» فهو الذى يمنح السفريات والترقيات والعطايا والأموال والمكافآت!
قبل أسبوعين تشكلت «لجنة استثنائية» بعيداً عن «لجنة الترقيات» الأساسية فى الجامعة لمنح مدرس مساعد، على صلة «أسرية» بعبدالسلام، درجة الأستاذية التى كان قد تقدم لها قبل 14 عاماً ولم تمنحه إياها.. فما كان من الجامعة التى يديرها «عبدالسلام» إلا أن تشكل له هذه اللجنة بعيداً عن اللجنة الأساسية التى رفضته من قبل لكى تمنحه الدرجة بنفس البحوث المرفوضة بالمخالفة الصريحة للقانون.
تشكيل هذه اللجنة، كما أخبرنى العديد من أساتذة الجامعة، مخالف للقانون، وهى بمثابة طعن فى لجنة الترقيات العلمية الأساسية، لكن لأن الرجل على صلة بعبدالسلام فكل شىء جائز.