المساء
مؤمن الهباء
شهادة - لا .. للغاز الإسرائيلي "2"
حينما نرفع صوتنا برفض صفقات شراء الغاز الطبيعي من إسرائيل فإننا في الواقع لا نعبر عن موقف عاطفي أو أيديولوجي وإنما نعبر عن موقف وطني أصيل وناضج له علاقة وثيقة بأمننا القومي ومستقبل أجيالنا القادمة.. خاصة بعد أن أكدت التجارب أن إسرائيل ليست دولة سلام ولا تريد أن تعيش دولة بين الدول وإنما تريد لأن تكون فوق الدول وتستند إلي القوة لفرض الأمر الواقع وليس إلي القانون والشرعية الدولية.
نحن نرفض التطبيع مع إسرائيل.. ونرفض التعاون مع العصابة الإرهابية التي تسكن تلك الأرض الطيبة المقدسة بالقهر والجبروت وقوة السلاح.. ولذلك فإن الإعلان بطريقة غير شفافة عن توقيع اتفاق الأسبوع الماضي بين شركة "دولفينوس" القابضة المصرية وشركة "تمار" الإسرائيلية لشراء الغاز الإسرائيلي علي مدي السنوات السبع القادمة أصاب أكبادنا بسهم مسموم.. فإسرائيل ليست دولة عادية والتعامل معها لايمكن أن يوزن بالميزان التجاري فقط وإنما يجب أن يوزن قبل كل شيء بالميزان الوطني والقومي.
وصفقة الغاز ليست أيضاً مجرد صفقة تجارية وإنما خطوة مهمة علي طريق تطبيق الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية الخبيثة التي تقوم علي فكرة "السلام الاقتصادي" بعد أن فشل "السلام السياسي".. والخطوة الأولي كانت اتفاقية "الكويز".
والسلام الاقتصادي يعني بناء شبكة مصالح مشتركة بين إسرائيل وجيرانها يكون لإسرائيل فيها اليد الطولي. وبمرور الزمن وبالاعتياد يصبح من المستحيل علي أية دولة الخروج من هذه الشبكة اللعينة حتي لا تتهدد مصالحها التي ارتبطت وتشابكت مع إسرائيل.. ومن ثم لا يكون هناك أي معني للحديث عن الحقوق الوطنية المشروعة للفلسطينيين أو للمصريين.
وتكشف الدراسة الاستراتيجية المهمة التي نشرتها مجلة "الأهرام العربي" في بداية مارس الجاري أننا أمام مخطط متكامل تقوم إسرائيل بالتحرك من خلاله وليس مجرد مشروع مع الأردن أو صفقة تجارية مع مصر.. انه الشرق الأوسط الإسرائيلي الذي تسعي للوصول إليه قبل إتمام التسوية علي مسارات الصراع بأكمله.. والذي لن يكون علي المسار الفلسطيني فقط.. خصوصاً أن الإدارة الأمريكية تسوق الآن لفكرة السلام الاقتصادي بين إسرائيل وجيرانها في حال فشل السلام السياسي.
وأوضحت الدراسة أن إسرائيل تسارع إلي عقد العديد من الاتفاقات والصفقات وإقامة المشروعات مع الدول المجاورة ضمن استراتيجيتها التي تهدف إلي إقامة شرق أوسط جديد.. لينتقل مركز الثقل الرئيسي للشرق الأوسط الجديد إلي إسرائيل.. أما الدول العربية أياً كان وزنها فستصبح هامشية في هذا التكوين الجديد.. وتقوم فكرة المشروع الأمريكي ـ الإسرائيلي علي نقل مراكز القوة الاقتصادية من الدول العربية إلي إسرائيل.. وأن المميزات الاقتصادية النسبية التي تتمتع بها الدول العربية سوف تقل أهميتها باكتمال هذا المشروع.
وتري إسرائيل ـ طبقاً للدراسة الاستراتيجية ـ أن مصر دولة غير مأمونة الجانب وأن معاهدة السلام عرضة للإلغاء أو التجميد في أي وقت.. ولذلك فإنه من الضروري أن ترتبط مع إسرائيل بحزمة من المعاهدات والاتفاقات لضمان استمرار الهدوء والاستقرار في المنطقة.
وتشير الدراسة إلي مذكرة إسرائيلية تقول إن دولة كبري مثل مصر لن ترتبط بمشروعات استثمارية استراتيجية كبري مع أي دولة عربية أخري في المنطقة دون أن تكون إسرائيل أو الولايات المتحدة طرفاً فيها.. كما أن هناك تركيزاً بصفة خاصة في أوراق المشروع الإسرائيلي ـ الأمريكي علي ثلاث دول عربية هي السعودية ومصر وسوريا.. بحيث لا ترتبط هذه الدول مع بعضها بمشروعات كبري في حين هناك نوعيات أخري من المشروعات الكبري يمكن أن تتم بمشاركة أمريكية إسرائيلية.
وبالنسبة لمصر تشير المذكرة الإسرائيلية إلي ضرورة فصلها عن دائرة الخليج العربي وأن دائرة المشروعات المصرية يجب أن تنحصر في شمال السودان والأردن وإسرائيل وتونس.. في حين أن مشروعات السعودية يجب أن تنحصر مع دول الخليج.
هذه هي إسرائيل.. وهذا هو تخطيطها.. ولذلك يجب أن نقول جميعاً: لا وألف لا للغاز الإسرائيلي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف