يسرى السيد
بدأت المعركة ومصر والحرية هما الهدف!!
هي مهنة البحث عن المتاعب بحق.. يدفع اصحابها ثمن مواقفهم في الوقت الذي يتدثر بالصمت وقت الجد بعض من يطالبهم بالشجاعة بل يتدثرون بالطناش.. .نعم اصحاب المباديء والرسالات لايعنيهم سوي ما يؤمنون به . لكن كلامي موجه لمن يريدون الحرب والمواجهة حتي اخر قطرة من دم الآخرين.. وحتي يكون الكلام محددا اقول.. بعض القراء او غالبيتهم ينتقدون ويقيمون المشانق لبعض الصحفيين او الكتاب اذا غضوا الطرف عن ذكر حقيقة ما او لم ينشروا اخبارا ما ضد سلطة بعينها في أي زمن أو أي مكان.. في الوقت الذي يتدثر بعض القراء بالصمت ولن اقول الجبن اذا واجهوا مجرد رئيسهم في العمل حتي لو كان بسيطا.. مثلا لا يجرؤ واحد علي مواجهة بائع خضار أو عسكري مرور أو موظف مرتش في الوقت الذي يطالبون الصحفي بالوقوف امام أكبر سلطة.. والاهم من ذلك اذا تعرض الصحفي للفصل من عمله أو السجن لا يجد من يقف بجواره..
اقول ذلك بمناسبة تعرض الصحفية الفرنسية فينسيان جاكيو مراسلة جريدة "لوسوير" le Soir بالقاهرة للفصل من جريدتها بسبب رفضها تنفيذ اوامر ادارة الجريدة في فرنسا بالصاق تهمة سقوط الطائرة المصرية إلي العنصر المصري وقالت فينسيان جاكيو علي حسابها علي موقع التواصل الاجتماعي : ¢ عقب اختفاء طائرة مصر للطيران بين باريس والقاهرة. طُلب مني ألا أقدم مقالا عن الوقائع والتركيز بدلاً من ذلك علي حزن عائلات الضحايا والحديث عن توجيه الاتهام إلي الأمان في شركة الطيران المصرية... وأكدت المراسلة في بوست لها علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" باللغتين العربية والفرنسية: "رفضت لانني" لم أستطع لقاء الأهالي "رفضوا الحديث مع الإعلام". واضافت بشجاعة مهنية "وبما إن سبب الحادث غير معروف "ليس لدينا حتي مؤشرات". لم أكن أستطيع توجيه الاتهام. ولا حتي التلميح بمسئولية. مصر للطيران عن الحادث.. وأضافت: "اليوم يشكرونني. ويخبرونني إني لم أعد "علي قوة العمل".
يعني بلغة اولاد البلد عندنا: "المقاول مبسوط منك وبيقولك متجيش بكره"
وتضيف الصحفية الشجاعة "في هذا الوقت الذي يتهم فيه الناس الصحفيين بالكذب. والمبالغة. والتزييف. بالتغطية علي فساد المسؤولين.. باختصار. لا يثقون فينا. قررت أن أقول "لا". قررت ألا أستسلم لصحافة التلاعب بالمشاعر ولتجاهل صحافة المعلومة وأخلاقياتها من أجل مرتب هزلي".. وتابعت: "أنا لست نادمة علي ذلك بل فخورة.و لم تكن المرة الأولي التي يطلبون فيها . التركيز علي الإثارة بدلا من الحقائق. ولكن كان الأمر يتعلق بموضوعات أقل أهمية فلم ألتفت لها".. واشارت: "من الضروري أن نستطيع نحن كصحفيين -مستقلين وغيرهم- أن نقول "لا" وأن نتذكر أن كلماتنا ومعالجتنا يمكن أن يكون لها آثار كارثية علي الأفراد. ويجب أن نكون نحن من يعيد ثقة القراء المفقودة لأن أطقم التحرير. إن قامت بهذا. فستقوم به علي استحياء. عاشت صحافة المعلومات".
انتهي بوست الصحفية الفرنسية علي الفيس بوك لكن لم تنته القضية او فصولها.. فهي قديمة.. جديدة.. متجددة.. نعم تختلف البلدان والحكومات والازمان ..والضحية لا تتغير.. تختلف الاسماء .لكن السجن واحد والفصل والتشريد واحد.. يختلف السجان والديكتاتور. ولاتختلف الآنات.. ما حدث للزميلة الصحفية الفرنسية التي اشرف بالانتماء معها إلي مهنة البحث عن المتاعب تطرح العديد من الاشكاليات وتعدد المعايير:
** أولا: أنها من بلد الحريات وبلاد النور..ومع ذلك تعاملوا معها كما تتعامل جمهوريات الموز مع المختلفين معها. ولذلك لا معني للتشدق هناك عن الحريات.
** ثانيا: ان الملكيين في كل مكان يكونون اكثر سطوة من الملك . فقد تعاملت ادارة الجريدة معها كما لا يستطيع رئيس فرنسا ان يتعامل به معها. فصلوها من العمل لمجرد انها رفضت الكذب والخداع.
نعم.. الكيل بمكيالين والمعيار ليس واحدا ابدا..
** مثلا عندما سقطت الطائرة الروسية في شرم الشيخ لم تمض دقائق حتي كانت الاتهامات في كل مكان بان الحدث ارهابي لان المخطط محدد وهو معاقبة مصر وحصارها وحتي الان بمنع السياحة الغربية عن زيارة مصر!
** لم نسمع شيئا عن اعلان واشنطن مسئوليتها عن اسقاط او سقوط الطائرة المصرية القادمة منها وعلي متنها مجموعه من خيرة عقول مصر واجنادها منذ سنوات. وخرج علينا السيناريو الساذج بانتحار قائدها الطيار "البطوطي" لانه قال توكلنا علي الله. مثلما حاولت الترويج لقائد الطائرة المصرية التي سقطت مؤخرا في طريق عودتها من باريس لانه قال لزوجته احبك للابد!!
سيناريوهات ساذجة ومحاولات مستميته في عرقلة تقدم مصر للامام وضرب علاقتها بكل من يقف معها لابعادهم عن مساعدتها.. بدأت بروسيا ثم ايطاليا بمقتل احد شبابها في حادث ينتابه الغموض المؤقت..واخيرا فرنسا..واعتقد ان هذه العمليات المستمرة لايمكن ان تخرج عن خطط وسيناريوهات مخابراتية تدعمها تكنولوجيا حديثة واموال بلا حصر لان الهدف ثمين جدا وهو مصر.. اسقاطها هو الهدف النهائي او علي الاقل مبدئيا.. تركيعها ومنعها عن التقدم للامام ولو خطوة واحدة!!
وبالمناسبة قابلت ذات يوم احد الصحفيين البريطانيين في القاهرة ودار حديث طويل عن حرية الصحافة عندنا وعندهم. طبعا لديه بعض الحق في بعض ما اثاره. لكنني سألته سؤالا مباغتا حتي احفظ للحرية في بلادي بعض الحق قائلا : هل كنت في القاهرة أيام ثورتي 25 يناير و30 يونيو؟
** قال نعم.
** تصور انني سأسأله عن ثورة 25 يناير لكنني فاجأته بسؤالي: هل رأيت الملايين في الشوارع قبل وبعد ثورة 30 يونيو؟
صمت برهة وكأنه ادرك خبث مقصدي وقال حين حاصرته نظراتي: نعم
** قلت هل كانت الجماهير في الشوارع في 30 يونيو بعشرات الملايين ام لا؟
* قال: نعم
** قلت: اذن لماذا وصفتم 25 يناير بانها ثورة ووصفتم ثورة 30 يونيو بانها انقلاب مع العلم انني شاركت في الثورتين؟
* صمت ثم نظر بعيدا عني قائلا : هي السياسة!!
** قلت هل مات ضمير الصحافة عندكم؟
* قال : تحركها السياسة احيانا .
** قلت: اقدر مشاعرك الانسانية لكن لا اقدر مشاعرك المهنية انت وغالبية المراسلين الصحفيين الغربيين الذين لم يصفوا ثورة 30 يونيو بانها ثورة شعبية وتغلبت عليكم مخططات بلادكم ومصالحها ضد الحقيقة !
نعم استطيع ان اقول بضمير مرتاح ان معظم الصحافة ووسائل الاعلام الغربيةپ بالنسبة للبلاد والشعوب الاخري لاتحركها الحقيقة فقط ولكن تسيطر عليها مصالح بلادها الا ما رحم ربك طبعا مثل هذه الصحفية الفرنسية.. انهم يطبقون المثل غير المعروف أو المبدأ غير المعلن: الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية لنا وحدنا داخل بلادنا.. ويمكن تصدير هذه المصطلحات لتنفيذ اغراضنا فاذا اصطدمت بمصالحنا تكون الثورات انقلابات والديمقراطية لها انياب وحقوق الانسان مرحلة لم تحن بعد.. والتعذيب في سجون ابو غريب وجونتانمو والقتل والسجن في الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل العدو الاسرائيلي.. مشروع لانه ضد كائنات لاتستحق اطلاق لفظ بشر عليها !!.. واي انتهاك في سجون الآخرين جريمة ضد الانسانية!!
پطبعا لا نعدم المنابر الشريفة واصحاب الضمائر الحية هناك الامس واليوم.. واذكر مثلا الكاتب الصحفي مصطفي شردي مؤسس جريدة الوفد ايام العدوان الثلاثي علي مصر 1956 وكان شردي يغطي أحداث معارك الفدائيين في منطقة القناة لجريدة أخبار اليوم وتجول بكاميراته في شوارع بورسعيد يصور الأحداث الدامية والهجمات الوحشية علي أبناء بورسعيد والقتلي الموجودين بالشوارع وكانت معه بندقية يدافع بها عن بلده ويضرب بها المعتدين وباليد الاخري يخفي الكاميرا بين طيات ملابسه يلتقط بها وحشية الاحتلال والتقط صوراً فضحت العدوان وقسوته وارتدي الصحفي الصغير ملابس الصيادين حتي يتمكن من الهرب بالصور إلي اخبار اليوم عبر بحيرة المنزلة بعد أن ركب أحد القوارب الصغيرة حتي وصل به للقاهرة وسلمها لمصطفي أمين ليحملها بدوره للرئيس الراحل جمال عبدالناصر لتطوف العالم ليري الكل وحشية الاحتلال وما ارتكبه من آثام وجرائم ضد شعب مسالم وقسوة ما تتعرض له بورسعيد لتكون صور شردي التي تناقلتها وكالات الأنباء العالمية أحد أسباب الانتصار السياسي لمصر ضد بريطانيا وفرنسا واسرائيل..
نعم دماء وارواح وحرية الصحفيين والكتاب والمبدعين هي ثمن حرية الانسانية.. وفي مصر تعرض الكثير من الصحفيين والكتاب علي مر العصور للبطش والسجن والفصل.. ورحل الجلادون وطيور الظلام وبقوا هم وترعرعت علي آناتهم ودمائهم شجرة الحرية.. عملاق الادب العربي عباس محمود العقاد دفع من حياته 9 شهور في السجن وبقي هو ورحل من سجنه ولا يذكره احد.. عاش طه حسين ولا يذكر احد من تقدم ببلاغات ضده للنيل من حرية تفكيره.. رحل جسد فرج فودة وعاش موقفه ولا يذكر احد من قتله.. يعيش نجيب محفوظ بيننا بابداعه ولا يذكر احد من طعنه واصاب يده بالشلل.. رحل نصر حامد ابو زيد بعد ان اضطر للفرار بجلده خارج الوطن حتي رحل بجسده عنا ولم يستطيعوا التفريق بينه وبين زوجته أو تكبيل عقله.. وعاش هو.. ومات من شرده.. عاشت مواقف الصحفيين والكتاب بعد ان فصلهم الرئيس الراحل انور السادات وحاول نزع عضوية نقابة الصحفيين عنهم بنقلهم الي شركة باتا للاحذية أو شركات الاغذية..وكانت جملة نقيب النقباء الكاتب الصحفي كامل زهيري عضوية النقابة كالجنسية لا يمكن اسقاطها!!
هي الحرية.. هو الضمير..
وتسيطر علي وجداني الاية الكريمة في سورة الاحزاب "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا".. واعتقد ان الضمير هو احد صور هذه الأمانة.. والصحفيون والكتاب والمفكرون والمبدعون جزء من هذا الضمير الانساني..ويبقي السؤال هل قدر علي الكتاب والصحفيين من اصحاب المباديء ان يدفعوا الثمن وحدهم. والاخطر من ذلك يتعرضون لمحاولات مستمرة لشيطنتهم حتي يسهل هزيمتهم امام الرأي العام الذي قد ينخدع بعض الوقت لكن لن ينخدع طوال الوقت ولكنها معارك النفس الطويل طبعا.. فمازالت تهم الكفر والالحاد تطارد بعض المفكرين رغم انه لا يوجد احد يعرف النوايا حتي لو شقوا الصدور.. مازالت تهم العمالة والخيانه تطارد البعض.. وهكذا.. لكن يرحل الجميع وتبقي شجرة الحرية التي لا تشبع للاسف من دماء الاحرار حتي تظل وارفة علي الانسانية
هامش
** افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسي لمشروعات صناعية وتنموية هو ابلغ رد علي كل من يحاول عرقلة مصر للامام..
** اتمني ان اري قريبا جدا افران مصانع الحديد والصلب في حلوان وابو زعبل.. الخ وقد اشتعلت وتزغرد بالانتاج . لانه لا تقدم حقيقي بدون صناعة الصلب والالومنيوم والمراجل البخارية.. الخ
** اتمني ان اسمع اناشيد الانتاج تنطلق من مصانع الغزل والنسيج لتستوعب ملايين الايدي العاملة
** يارب.. قولوا آمين