الجمهورية
على هاشم
الغرب يكشف عن وجهه القبيح..!!
* لا تكاد مصر تلتقط أنفاسها من أزمة حتي تداهمها أخري بما لا يدع مجالاً للشك أنها مستهدفة بقوة وعلي طول الخط.. ولم يعد ذلك ظنًا بل يقينًا. لا يخالفنا فيه سوي الإخوان ومن لف لفهم.. وليس التآمر علي مصر وليد اللحظة بل بدأ الإعداد له منذ ثورة يناير وربما قبلها..وما حديث كوندوليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا عن الفوضي الخلاقة إلا تبشيرًا بذلك السيناريو الذي تأكد بعد ثورة يناير وجري من خلاله استغلال بعض الشباب والنخبة للقفز علي ثورة الشعب. ودفع البلاد إلي مربع الاستقطاب والانقسام الحاد. والخلاف علي الهوية واستهداف مؤسسات الدولة المتهمة بالعميقة » تمهيدًا لإغراقها في فوضي تمزق أواصر النسيج الوطني. بإشعال نيران الفتن الطائفية والاحتراب الأهلي اللذين ظهرت إرهاصاتهما بوضوح أيام إدارة المجلس العسكري لشئون البلاد. ثم اشتدت المحنة أيام حكم الإخوان..ولا يزال الترصد قائمًا بمصر بعد 30 يونيو» وهو ما تجلي في أزمات عديدة. نلمس فيها بصمات أجهزة خارجية استخدمت أيادي داخلية لتنفيذ جرائمها في مصر مثلما شهدنا في اغتيال الشهيد هشام بركات النائب العام. ثم جاءت حوادث أخري مثل مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني وحادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء. وأخيرًا حادثة طائرة مصر للطيران فوق البحر المتوسط وداخل المجال الجوي المصري لتؤكد أن المؤامرات كبيرة. والإصرار علي إلحاق الضرر بمصر أكبر.. ولا ندري ماذا سيحدث غدًا..؟!
صحيح أنه لا توجد أدلة قاطعة معلنة تثبت تورط أطراف بعينها في تلك المؤامرات لكن بمَ نفسر ذلك الغموض والتعقيد في كل حادثة مؤلمة موجعة تأتي تبعاتها وخيمة علي اقتصاد مصر وسمعتها وصورتها في الخارج.. هل جاءت تلك الحوادث مصادفة بهذا التتابع الدقيق أم أنها مؤامرات اجتمعت لها أطراف عديدة لا تخفي عداءها لإرادة 30 يونيو وللدولة. ولا ترجو لها عافية ولا استقرارًا.
وأيا ما تكن قسوة الضربات وشدة آثارها التدميرية فإنها تزيد المصريين صلابة كما أكد الرئيس السيسي. بمنطق أن الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك» ما يدل أننا نسير في الطريق الصحيح الذي لا يرضاه أعداء مصر »ومن ثم فإن الرد المناسب علي كل أزمة أن نقيم مشروعًا جديدًا. أو نحقق إنجازًا يخرج بلادنا من عنق الزجاجة الذي لا يراد لنا الخروج منه أبدًا.
ولا ينبغي أن يخالجنا أدني شك أن إرادة الشعوب هي التي سوف تنتصر في النهاية مهما تكن العقبات أو العراقيل.
ردود الفعل الدولية إزاء حادث طائرة مصر للطيران تختلف جذريًا عن تلك التي صاحبت حادث الطائرة الروسية..فبينما سارعت بعض الأطراف. ومنها بريطانيا علي سبيل المثال لإدانة الأجهزة المصرية والتشكيك في سلامة إجراءاتها الأمنية في المطارات لاذت تلك الأطراف ذاتها بالصمت في حادثة مصر للطيران. ولم تتهم فرنسا بالشيء نفسه بل حاول البعض التلميح بانتحار قائد الطائرة المصرية في مسعي تضليلي منحاز ومغرض يؤكد بما لا يدع مجالاً لأدني شك أننا مستهدفون. وأن المقصود هو ضرب مصر. والإيقاع بها في مستنقع الأزمات. وإبقاؤها طيلة الوقت في موقف المدافع عن نفسها. وتبرئة الغرب من أي شبهة تقصير أو حتي ملامة.
ما نود التأكد عليه هو ضرورة تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة هذه الهجمة الشرسة علي مصر من أعدائها والمتآمرين عليها في الداخل والخارج. وإبقاء الصف الوطني موحدًا مؤازرًا لجيشه وشرطته وقيادته كسبيل لا غني عنه لعبور أي أزمة أو محنة مهما تكن صعوبتها.
فلم يعد خافيًا ما تحيكه بعض الأطراف من مؤامرات تستهدف خنق مصر سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا. وخلق حالة بلبلة وانقسام وشحن إعلامي تقف وراءه مؤسسات يجري تمويلها لبث شائعات وأكاذيب لإسقاط الدولة.. أما المؤلم حقًا فهو كم الشماتة التي أظهرها البعض في حوادث موت راح ضحيتها أبرياء. فثمة مواقع إلكترونية ممولة خارجيًا هدفها الرئيسي نشر أخبار مغلوطة في إطار حروب الجيل الرابع للتلاعب بعقول شبابنا ونخبتنا وتشويش أفكارهم. وهو ما ينبغي أن نتنبه له. وننسي لأجل تجاوزه خلافاتنا. ونبذل أقصي جهودنا لوقفه والتصدي لمخاطره.
وليس ما تتعرض له مصر اليوم أمرًا جديدًا في تاريخها. بل إنها واجهت في خمسينيات القرن الماضي مؤامرات دولية. مثل العدوان الثلاثي الغاشم الذي دحره المصريون موحدين علي قلب رجل واحد.. بينما اليوم ورغم قسوة الظروف والأجواء العدائية ضد مصر فثمة نفر من أبنائها يصرون علي معاونة الخارج بقصد أو دون قصد بتعميق أوجه الخلاف أو تشويه الصورة أو تنفيذ أجندات خارجية أو استعداء الآخرين ضدها أو تخريب منشآتها أو قتل أبنائها من رجال الجيش والشرطة.
إعلام الغرب دخل هو الآخر علي خط الأزمة في محاولة لطمس الحقائق واستباق نتائج التحقيقات التي غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلاً في حوادث الطائرات. وحاول جرجرتنا لنقطة أخري في محاولة لإقناع الرأي العام العالمي بأن الطيار المصري هو سبب سقوط الطائرة. مرة بترويج قصة الدخان المنبعث بكابينة القيادة. وتارة بالقول إنه انتحر رغم ما جري رصده من ارتياح نفسي ومرح ظهر عليهما طاقم الطائرة أثناء اتصالاته بأبراج المراقبة قبيل السقوط مباشرة.. هكذا يحاول الغرب بإعلامه ودوائر صنع القرار فيه استباق التحقيقات والقفز فوق النتائج. وتوجيه دفة الأحداث لمسار بعينه لئلا تدان فرنسا بأي صورة. وألا يوجه أي لوم لمسئولي مطار شار ديجول الذي أقلعت منه الطائرة عكس ما حدث في حادث سقوط الطائرة الروسية تمامًا. وتحميل مصر مسئولية هذا الحادث وإقدام بريطانيا -بلا لياقة سياسية -بسحب سياحها من مصر تزامنًا مع زيارة الرئيس السيسي إلي لندن. وما تبع ذلك من آثار اقتصادية سلبية أضرت بالسياحة والاقتصاد أبلغ الضرر.
هكذا بلا مواربة ولا خجل تفعل دوائر الغرب معنا إعلامًا وساسة. ولم تفعل الشيء نفسه عندما سقطت الطائرة المصرية فوق الأراضي الأمريكية قبل سنوات. وعلي متنها خيرة أبنائنا من عسكريين ومدنيين..وللأسف لم تظهر نتائج التحقيقات حتي الآن. وكل ما حدث هو إساءة تفسير جملة ¢ توكلت علي الله ¢ التي قالها الطيار جميل البطوطي قائد الطائرة المنكوبة. والزعم بأن ذلك القول هو دليل علي انتحاره.. وهو ما تحاوله نفس الأطراف الآن لتدفع مصر وهي الضحية ثمن ما اقترفته يد الجناة أيا ما كانوا.
ورغم كثرة حوادث الطائرات حول العالم فإن حظ مصر للطيران منها قليل قياسًا بالمعدلات العالمية..أضف إلي ذلك تفوقها في الصيانة وانضباط الأداء.. لكن ثمة من يحاول التشكيك في إمكانياتها لإيجاد مخرج للأزمة ولو علي حساب تلك الشركة الوطنية العريقة» الأمر الذي دعا البعض لتبني حملة ¢ لن أسافر إلا علي خطوط مصر للطيران ¢ في محاولة لدعم مصر وطيرانها.
خيوط التآمر خرجت إلي العلن. وبات اللعب علي المكشوف ولم يعد ضربًا تحت الحزام..وإلا فبمَ نفسر الضربات المتلاحقة لعلاقات مصر بدول صديقة أيدت ثورة 30 يونيو. ووقفت إلي جوارنا في مجالات عديدة. وأخص منها روسيا وفرنسا وإيطاليا.. أليس المراد بحادث الطائرة الروسية هو ضرب السياحة في مصر وتخريب علاقتنا بروسيا وإحراج القيادة الروسية أمام شعبها لسحب تأيدها لمصر.. ألم يحدث الشيء نفسه في حادثة ريجيني الذي تجمع بلاده بمصر علاقة وطيدة واستثمارات كبيرة..ثم جاء سقوط طائرة مصر للطيران القادمة من باريس لتكتمل حلقة الوقيعة بين مصر وأصدقائها الفرنسيين الذين أمدوها بالسلاح والتأييد السياسي.. أليس ذلك وغيره محاولات مكشوفة لنسف علاقات مصر مع دول صديقة بقصد تركيع القاهرة وإعادتها للتبعية الأمريكية التي تحررت منها بعد ثورة يونيو.
إن مخطط الشر لا يزال واضعوه يصرون علي تنفيذه. ولا تزال مصالح أمريكا والغرب هي كلمة السر فيما يجري. ولا يزال حلفاؤهما من الإخوان وحكام تركيا وقطر أدوات لتنفيذ هذه المخططات.. المصالح هي محرك الأحداث وربما يتطلب الحفاظ عليها نسج المؤامرات وربما لا يكون ذلك عيبًا بمنطق السياسة..لكن العيب أن تستبق دول كبري الأحداث وتروج الأباطيل والأكاذيب لتبرئة نفسها وإلصاق التهم بمصر في كل حادثة للإضرار بها. وعدم انتظار نتائج التحقيقات أوتحقيق الأدلة.
وتنسي تلك الدول أن ثمة إرادة سياسية وشعبية مصرية عصية علي الخضوع وتقديم التنازلات أو القبول بسياسة لي الذراع مهما تكن المصاعب والأزمات.. وما أكثر الأزمات التي تعرضت لها مصر وخرجت منها أقوي مما كانت »فمن نكسة يونيو إلي أعظم انتصارات العصر الحديث في أكتوبر 73..ومن السقوط في بئر الإخوان بعد ثورة يناير إلي إزاحة الحكم الفاشي. والتئام الإرادة الشعبية خلف قيادة وطنية في 30 يونيو.
المطلوب الآن إيقاظ الروح الوطنية ليس علي الطريقة التعبوية. بل علي طريقة التوعية والتذكير بخطورة ما يراد بنا. فالنيل من وحدة هذا الشعب وتماسك جبهته الداخلية. والوقيعة بين مؤسسات الدولة هو هدف الجيل الجديد من الحروب لكسر الإرادة وتوهين العزيمة واستنزاف الدولة بمعاونة الخونة والمغرضين. ومن باعوا أنفسهم للشيطان وللدولار.
الغرب لم ييأس بعد من إعادة التقسيم للمنطقة. وفرض هيمنة أمريكا وإسرائيل في شرق أوسط جديد منزوع الإرادة باستخدام أدوات عديدة أولها الإعلام والشباب والأعوان والأتباع. وإشاعة الإحباط وروح الانقسام والكراهية بين مكونات المجتمع. وتكريس حالة الاستقطاب الحاد بينها لتبحث كل طائفة أو فئة عن مكاسبها هي ولو علي حساب الوطن.
ما أحوج مصر إلي جهود كل بنيها ووحدتهم ووعيهم ومؤازرتهم للدولة.. ما أحوجنا إلي لغة جديدة وخطاب مستنير في الإعلام. وإدارة حملة علاقات عامة بلغة جاذبة ومصداقية وعقلانية يفهمها الخارج. ويتجاوب معها وهذا هو دور سفاراتنا وبعثاتنا الدبلوماسية في الخارج وهيئة الاستعلامات لتنفيذ ما يروجه إعلام الغرب وقادته من إفك للإضرار بصورة مصر وقيادتها ونظامها.
مناصرة مصر الآن فريضة» كل بما يستطيع. بالكلمة الهادفة الصادقة. بالرأي الواعي. بالجهد المخلص. بمحاولة إصلاح ذات البين وجمع الناس علي كلمة سواء. ورفض وفضح أي محاولة للتقسيم أو الفتنة أو التشويه أو شق الصف أو التطاول والانحراف عن أهداف ثورة 30 يونيو.
اتحدوا في مواجهة قوي الشر والتآمر.. ولتتسع عقولكم وقلوبكم للحوار والتوافق. وليكن اختلاف الرأي وسيلة للتصويب والتقويم وتدارك السلبيات والقصور وليس طريقًا للتشرذم والتناحر والخلاف..وحادثة الطائرة لن تكون الأخيرة » فالطريق طويل والتحديات عظيمة ولتكن مصالح الوطن العليا وإرادة الشعب هي البوصلة. فالشعب هو الحامي والسند وصاحب القرار.. ادعموا مؤسسات الدولة. ولا تكونوا عوناً للمتآمرين عليها.. ادعموا مصر للطيران وسافروا عليها فذلك أبلغ رد علي محاولات استهدافها واستهداف الوطن من خلالها كما استهدفت السياحة والاستثمارات والأمن والاستقرار وسمعة مصر علي أيدي المتآمرين..دعم مصر فريضة لا يجوز التهاون فيها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف